الثانية:
أن الوضع على ضوء هذه النظرية أمر تكويني نفساني، و هو التعهد و الالتزام في أفق
النفس، و حيث إنه فعل اختياري للنفس فلا بد أن يتعلق بفعل اختياري، و هو التلفظ
بلفظ خاص عند إرادة تفهيم معناه، حتى يدل على أنه أراده منه.
الثالثة:
أن القضية المتعهد بها قضية شرطية، مقدمها التلفظ بلفظ خاص، و تاليها إرادة إفهام
معنى مخصوص، و نتيجة ذلك هي أنه لا داعي وراء التلفظ بهذا اللفظ الخاص، إلّا قصد
إفهام ذاك المعنى المخصوص.
الرابعة:
أن كل مستعمل واضع حقيقة على أساس هذه النظرية، باعتبار أنه متعهد بأنه لا ينطق باللفظ
إلا عند ارادة تفهيم معناه الخاص، و الغرض أن حقيقة الوضع هي التعهد، و تعهد كل
شخص قائم بنفسه، و هو مسؤول عنه لا عن تعهدات الآخرين.
أو
فقل: إن في ضوء هذه النظرية تعهد كل شخص وضع له، و لا يعقل أن يكون وضعا لغيره و
محققا للدلالة على قصد إفهام المعنى له بدون أن يكون متعهدا و قاصدا تفهيمه، و لا
فرق في ذلك بين الواضع الأول و الثاني و الثالث و هكذا، إلا في أن الأول أسبق
زمانا، و اطلاق الواضع عليه دون غيره انما هو بلحاظ أن غيره تابع له في الوضع.
الخامسة:
أن السيرة العقلائية قد استقرت على هذه التعهدات و الإلتزامات في باب الألفاظ.
هذه
هي المميزات و المفارقات لهذه النظرية عن غيرها، هذا من ناحية.