النظر إلى أحد هذين الاحتمالين لا
الشرطية الجديدة التأسيسية كما هو واضح.
وممّا يؤيّد هذا الفهم أيضاً أنّ وجوب معرفة اصول الدين ليس وجوباً
شرعياً فحسب، بل هو واجب عقلي، فإنّ العقل يحكم على كل إنسان بلزوم معرفة خالقه
والمنعم عليه وسائر المعتقدات المنبثقة عن ذلك، وهذا الحكم العقلي غير مقيّد
جزماً، سواء قلنا بثبوت وجوب شرعي أيضاً بالنسبة لمعرفة اصول الدين أو حملنا
الأوامر الشرعية بها على الإرشادية.
وممّا يشهد أيضاً على أنّ النظر في الحديث ليس إلى تقييد التكاليف
الشرعية فضلًا عن العقلية، بل إلى الترتب الخارجي ما ورد في ذيل الحديث بالنسبة
للمخالفين وإدانتهم بترك معرفة إمامهم، بل ومعرفة أئمّة آخرين بدلًا عنهم، فإنّ
هذا يناسب النظر إلى القدرة والتمكّن الخارجي لا إلى شرطية الإسلام كشرطية مستقلّة
كما لا يخفى وجهه.
هذا، مضافاً إلى أنّ الروايتين لو سلّم دلالتهما على ذلك فتكونان
معارضتين مع ما تقدّم من الروايات المصرّحة بتكليف الكفّار بالفروع أيضاً، كمعتبرة
سليمان بن خالد، وليس بابهما باب الإطلاق والتقييد والتخصيص كما هو واضح.
فإمّا أن يجمع بينهما بما ذكرناه أو يرجّح الطائفة الثانية باعتبار
موافقتها لإطلاقات آيات الأحكام والفرائض في الكتاب الكريم ومخالفتها للعامة- حيث
إنّ مشهور العامة عدم تكليف الكفّار بالفروع- أو يحكم بالتعارض والتساقط، والمرجع
بعد ذلك إطلاق أدلّة الفرائض والتكاليف.
الوجه الرابع:
دعوى قيام السيرة العملية المتشرعية على عدم أخذ الزكاة