هذا كله مضافاً الى انَّ هذه الروايات
واردة في خصوص البيع، ولا يمكن التعدي منه الى الوعد بالايجار أو غيره من التعهدات
لو فرض تمامية المقتضي لنفوذها.
فالأصح في المنع عن لزوم مثل هذه التعهدات هو المنع عن عموم المقتضي
كما عرفت.
وأمّا الجهة الثانية:
فلا إشكال في صحة أخذ العربون اذا كان لمجرد انه مقدار من الثمن أو
الاجرة يقدم للمالك لالزام العقد من دون ان يكون هناك خسارة على تقدير الفسخ،
وكذلك الحال لو فرضنا انَّ العربون ثمن في قبال تمليك المالك التزامه بعدم الايجار
أو البيع من غيره، بناءً على كونه عقداً تاماً، فلا يكون جزءاً من الثمن أو الاجرة
عندئذٍ، بل يكونه في قبال نفس تمليك التعهد والالتزام، إذ انّه عقد مستقل قد يقع
مجاناً وقد يقع في قبال عوض، سواءً اشترى أو استأجر بعد ذلك أم لا، وأثره انّه لو
لم يف بالتزامه كان له استرجاع ذلك.
وإنّما الكلام في حالة ثالثة هي المتعارفة خارجاً، وهي انَّ العربون
يدفع ليكون قسطاً من الثمن أو الاجرة على تقدير تمامية الاتفاق، ويكون بدلًا عن
الفسخ إذا أراد صاحبه أن يتخلف فلا يشتري أو لا يؤجر، كما انَّ المالك إذا رجع عن
قراره لابدَّ وان يرجع العربون مع خسارة مقداره للمشتري، فهل يجوز اخذ العربون على
هذا الوجه أم لا؟