كما انّ تلك الخصوصية والعناية المفترضة
في هذا الوجه لا تختص بالمصنوعات بل قد تكون في الأعيان أو الأموال التجارية فيتفق
التاجر مع آخر على أن يهيئ له في الشتاء مثلًا ما يحتاج إليه على أن يشتريه منه
بقيمته في وقته، فصحّة هذا التوافق وكونه عقداً على تقدير قبوله لا ربط له بعقد
الاستصناع.
دعوى ومناقشة:
ثمّ إنّه قد يقال: بأنّ المستفاد من بعض
الروايات الواردة في النهي عن بيع ما ليس عندك أنّ أيّة معاقدة ومقاولة على شراء
متاع يحصّله البائع في المستقبل- أي غير مهيّأ عنده فعلًا- لا تصح شرعاً، إلّاإذا
كان كل من الطرفين بعد حصول ذلك المتاع بالخيار إن شاء باعه واشتراه الآخر وإن لم
يشأ لم يتعاقدا عليه، فوجوب الشراء على المستصنع للمتاع بعد صنعه بنفس المقاولة
الاولى خلاف مفاد تلك الأخبار، ومحكوم بالفساد والبطلان.
ففي صحيح معاوية بن عمار قال: «قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام:
يجيئني الرجل يطلب (منّي) بيع الحرير وليس عندي منه شيء، فيقاولني عليه واقاوله
في الربح والأجل حتى نجتمع على شيء ثم أذهب فأشتري له الحرير فأدعوه إليه؟ فقال:
أرأيت إن وجد بيعاً هو أحبّ إليه ممّا عندك أيستطيع أن ينصرف إليه
ويدعك أو وجدت أنت ذلك أتستطيع أن تنصرف إليه وتدعه؟ قلت: نعم. قال: فلا بأس»[1].