وظاهرها أنّ المعيار والميزان في الصحة
هو ذلك، بحيث لو كان ملزماً كان باطلًا وفيه بأس. ولا فرق في ذلك بين أن يكون
الاتفاق على بيع وشراء شيء غير موجود عنده بأن يحصّله مصنوعاً من السوق أو يحصّل
مادته من السوق ويصنعه ثم يكون الآخر ملزماً بأخذه.
مناقشة هذه الدعوى:
إلّاأنّ الانصاف بطلان هذا الكلام؛ وذلك:
أوّلًا: بالنقض، بما إذا كان قد اشترط في ضمن
عقد لازم أن يشتري منه ما سيصنعه فلان أو يشتريه من السوق فيما بعد، فإنّه لا
إشكال في وجوب الشراء عليه إذا صنعه، وصحة شرائه؛ حيث لا يتوهم فقهياً بطلانه أو
بطلان الشرط أو النذر بذلك لمجرد انّه إلزام بشراء في المستقبل.
وثانياً: بالحلّ، بأنّ الروايات المذكورة ناظرة
إلى حالات الاسترباح لمن له المال والنقود ممّن يريد المتاع ولكنه لا يوجد لديه
الثمن ليشتريه فيستعين بالأوّل ليشتريه له على أن يوفّيه الثمن فيما بعد ويجعل له
الربح في ذلك.
ومن هنا كانت هذه الرواية من روايات بيع العينة. وهذه الخصوصية غير
موجودة في المقام ولا في مورد النقض المتقدم بيانه، فليس مفاد هذه الرواية ولا
غيرها من روايات بيع العينة أن الالزام بالمعاملة المستقبلية وكونها واجبة ولازمة
بسبب من الأسباب موجبٌ لبطلانها بوجه أصلًا. وهذا واضح يطلب تفصيله من محله.