انَّ الفقه الوضعي قسم الايجار الى عقود ثلاثة، اجارة الاشياء واجارة
الاشخاص واجارة أرباب الصنايع، وقد كان القانون الروماني يعتبر هذه العقود الثلاثة
كلها عقداً واحداً هو عقد الايجار، حيث كان يرى انَّ الانتفاع بعمل الانسان
كالانتفاع بالمتاع، لا فرق بينهما، فكلاهما سنخ عقد واحد وقع على الانتفاع بمنفعة
شيء أو منفعة عمل، الّا انه نتيجة بروز الاتجاهات الاشتراكية التي منعت عن اعتبار
العمل سلعة تباع في الاسواق ويتحدد سعرها طبقاً لقانون العرض والطلب، فصل العقد
على العمل عن الايجار على الاشياء، حيث وضع للعقد على الاعمال تقنينات جديدة تحفظ
بموجبها للعامل الاجير حقوق لاتكون ثابتة لصاحب العين المستأجرة، فانفصل بذلك
العقد على العمل عن عقد الايجار.
ثم قسم العقد على العمل الى العقد الوارد على العمل في ذاته والعقد
الوارد على العمل باعتبار نتيجته، فسمّى الأول بعقد المقاولة والثاني بعقد العمل.
وقد ذكروا في وجه هذا التمييز، بأنّه في عقد المقاولة لا يكون العامل
تحت اشراف رب العمل وادارته، بل يعمل مستقلًا طبقاً لشروط العقد المبرم، ومن ثمَّ
لا يعتبر المقاول تابعاً لرب العمل، ولا يكون هذا الاخير مسؤولًا عن المقاول
مسؤولية المتبوع عن التابع، بخلاف عقد العمل، فالعامل يخضع فيه لادارة رب العمل
واشرافه، سواء كان يؤجر بمقياس مقدار الوقت أو كمية الانتاج، ولا يعمل مستقلًا عن
رب العمل، بل يتلقى تعليماته منه وعليه ان ينفذها في حدود العقد المبرم بينهما،
ومن ثمَّ يعتبر العامل تابعاً لرب العمل، ويكون هذا الاخير مسؤولًا عنه مسؤولية
المتبوع عن التابع ومن هنا نرى انَّ المقاول يدفع ثمن استقلاله عن رب