2- حجب الوارث المسلم و إن بعُد للوارث
الكافر عن الإرث
و البحث هنا فيما إذا كان المورّث كافراً، أمّا إذا كان مسلماً و كان
له وارث مسلم و وارث كافر، فعدم إرث الكافر شيئاً ليس من باب حجب الوارث المسلم
بالدقة، بل من جهة أنّ الكافر لا يرث المسلم؛ و لهذا لو لم يكن له وارث مسلم أيضاً
لم يرثه الكافر بل ورثه الإمام عليه السلام.
و يمكن أن يستدل على هذا الحكم بامور:
الأمر الأوّل: الإجماع المتقدم، فإنّ
المستظهر بل المصرّح به في كلمات الفقهاء إرث المسلم من الكافر، و حجبه أيضاً
لورثته الكفار عن الإرث و إن كانوا أقرب في الطبقة. نعم، قيد ذلك بغير الإمام و
الزوجة، فالإمام لا يحجب بل لا يرث من الكافر مع وجود وارث كافر له، كما أنّ
الزوجة المسلمة لا تحجب الورثة الكفار بناءً على عدم الردّ عليها.
و هذا الإجماع و إن كان مستظهراً من عبارات الفقهاء، كالإجماع و
التسالم على المسألة السابقة- و هي إرث المسلم من الكافر- إلّا أنّه هناك أوضح و
أجلى منه هنا. بمعنى: أنّ مسألة إرث المسلم من الكافر و أنّ إسلامه لا يزيده إلّا
عزّاً و لا ينقصه شيئاً، من قبيل ضروريات مذهبنا؛ لما تقدمت الاشارة إليه من أنّ
هذه المسألة كانت مطروحة و محل أخذ و ردّ و جدال بين مذهبنا و بين العامة؛ حيث ذهب
جمهورهم إلى عدم إرث المسلم من الكافر، و أمّا مسألة الحجب للوارث الكافر فلم تكن
مطروحة من قبل العامة، و لم ينقل عن أحد منهم. فالتشكيك في مدركية هذا الإجماع في
المقام و أنّ مستنده لدى الفقهاء لعله الاستناد إلى الروايات، متّجه.