و يمكن ان نقرب هذه النكتة ببيان اخر
حاصله: انّ سياق شكك ليس بشيء كسياق لا شك لكثير الشك ظاهر في نفي التبعة
المترتبة على نفس الشك في فعل المشكوك من حيث لزوم الاتيان به، فكأنه فرغ عن انّ
المشكوك في ذمة المكلف و عهدته، و هو معنى كون النظر الى المركبات المأمور بها
شرعا لا مطلق المركبات.
الثانية- ذيل موثقة اسماعيل بن جابر (كل شيء شك فيه مما قد جاوزه و
دخل في غيره فليمض عليه) بدعوى اشتمالها على اداة العموم الوضعي المقتضية للتعميم
بلا حاجة الى اجراء الاطلاق و مقدمات الحكمة.
و فيه: مضافا الى ورود نفس الايرادين السابقين، انّ ما فرض من امتياز
الموثقة على الصحيحة من حيث افادة العموم فيها بالاداة الدالة عليه وضعا غير تام
أيضا، فانّ العموم الوضعي فيها بلحاظ الاجزاء للمركب الواحد لا بلحاظ انواع
المركبات حيث أضيفت اداة العموم فيها الى الشيء المشكوك في وجوده من المركب لا
الى كل عمل مركب، فلا فرق بين هذا الذيل و ذيل الصحيحة من حيث كون الاطلاق فيه على
تقدير تماميته اطلاقا حكميا لا وضعيا، و مما ذكر في المنع عن هذا الاطلاق ذي العرض
العريض في هاتين المعتبرتين يظهر أيضا الاشكال في استفادة ذلك من ذيل معتبرة ابن
ابي يعفور الواردة في الوضوء (انما الشك اذا كنت في شيء لم تجزه) بناء عل استفاده
ذلك قاعدة التجاوز منه- و هذا ما سوف يأتي الحديث عنه- فانّ عنوان الشيء بل نفس
سياق الكلام و ان كان مطلقا الّا انّ كلتا المناقشتين المتقدمتين خصوصا الثانية واردة
عليه، فلا يستفاد منه اكثر من الاطلاق لما يكون مأمورا به و داخلا في العهدة من
المركبات الشرعية.
و الغريب ما وقع من قياس هذه الروايات بعموم التعليل الوارد في صحيحة
زرارة- (لانك كنت على يقين من وضوءك، و لا ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا)-
فانّ استفادة التعميم منها باعتبار ظهورها في بيان قياس مؤلف من صغرى هي اليقين
بالوضوء، و كبرى هي النهي عن نقض اليقين بالشك ابدا، فتكون القضية الكبرى حجة لا
محالة، و هي ظاهرة في انّ اليقين لا ينقض بالشك من