أي ينشأ بالذهب وَ هُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ قال: لا يبين
الكلام و لا يتبين من الناس- و لو كان نبيا لكان بخلاف الناس
قوله وَ جَعَلُوا
الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً معطوف على ما قالت قريش
إن الملائكة بنات الله في قوله: وَ جَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً فرد الله عليهم
فقال: أَ شَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ و قوله إِنْ هُمْ
إِلَّا يَخْرُصُونَ أي يحتجون [يخمنون] بلا علم- و قوله بَلْ قالُوا إِنَّا
وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ أي على مذهب وَ إِنَّا عَلى
آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ ثم قال عز و جل وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ
قَوْمِهِ- إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي أي خلقني فَإِنَّهُ
سَيَهْدِينِ أي سيبين لي و يثيب- ثم ذكر الأئمة ع فقال وَ جَعَلَها
كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ يعني فإنهم يرجعون أي
الأئمة إلى الدنيا- ثم حكى الله عز و جل قول قريش وَ قالُوا لَوْ لا
نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ يعني هلا نزل هذا القرآن عَلى رَجُلٍ مِنَ
الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ و هو عروة بن مسعود و القريتين مكة و الطائف، و
كان جزاؤكم [جزاهم] ما تحتمل الذباب، و كان عم المغيرة بن شعبة فرد الله عليهم
فقال: أَ هُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ يعني النبوة و القرآن
حين قالوا لم لم ينزل على عروة بن مسعود ثم قال الله نَحْنُ قَسَمْنا
بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا- وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ
بَعْضٍ دَرَجاتٍ يعني في المال و البنين لِيَتَّخِذَ
بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا- وَ رَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ فهذا من أعظم
دلالة الله على التوحيد- لأنه خالف بين هيآتهم و تشابههم- و إراداتهم و أهوائهم
ليستعين بعضهم على بعض- لأن أحدا لا يقوم بنفسه لنفسه- و الملوك و الخلفاء لا
يستغنون عن الناس- و بهذا قامت الدنيا- و الخلق المأمورون المنهيون المكلفون- و لو
احتاج كل إنسان أن يكون بناء لنفسه و خياطا لنفسه- و حجاما لنفسه و جميع الصناعات
التي يحتاج إليها- لما قام العالم طرفة عين- لأنه لو طلب كل إنسان العلم ما قامت
الدنيا- و لكنه عز و جل خالف بينهم و بين هيآتهم- و ذلك من أعظم الدلالة على
التوحيد-.