responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 596

لقولهم‌ ‌في‌ الجواب‌ (نَحن‌ُ أَنصارُ اللّه‌ِ) و قرأ نافع‌ وحده‌ (انصاري‌ ‌إلي‌ اللّه‌) بفتح‌ الياء. الباقون‌ بإسكانها و هما جميعاً جيدان‌.

يقول‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ مخاطباً للمؤمنين‌ (يا أَيُّهَا الَّذِين‌َ آمَنُوا) باللّه‌ و اعترفوا بتوحيده‌ و إخلاص‌ عبادته‌ و صدقوا رسوله‌ (هَل‌ أَدُلُّكُم‌ عَلي‌ تِجارَةٍ) صورته‌ صورة العرض‌ و المراد ‌به‌ الامر. و التجارة طلب‌ الربح‌ ‌في‌ شراء المتاع‌. و ‌قيل‌ لطلب‌ الثواب‌ بعمل‌ الطاعة تجارة تشبيهاً بذلك‌، ‌لما‌ بينهما ‌من‌ المقاربة (تُنجِيكُم‌) ‌ أي ‌ تخلصكم‌ (مِن‌ عَذاب‌ٍ أَلِيم‌ٍ) ‌ أي ‌ مؤلم‌، و ‌هو‌ عذاب‌ النار. ‌ثم‌ فسر تلك‌ التجارة ‌فقال‌ (تُؤمِنُون‌َ بِاللّه‌ِ وَ رَسُولِه‌ِ) ‌ أي ‌ تعترفون‌ بتوحيد اللّه‌ و تخلصون‌ العبادة ‌له‌ و تصدقون‌ رسوله‌ فيما يؤديه‌ إليكم‌ ‌عن‌ اللّه‌. و إنما ‌قال‌ (تُؤمِنُون‌َ) ‌مع‌ ‌أنه‌ ‌قال‌ (يا أَيُّهَا الَّذِين‌َ آمَنُوا) لان‌ ‌ذلک‌ جار مجري‌ ‌قوله‌ (يا أَيُّهَا الَّذِين‌َ آمَنُوا آمِنُوا)[1] و ‌قد‌ بيناه‌ فيما مضي‌[2] (وَ تُجاهِدُون‌َ فِي‌ سَبِيل‌ِ اللّه‌ِ) يعني‌ قتال‌ أعدائه‌ الكفار (بِأَموالِكُم‌) فتنفقونها ‌في‌ ‌ذلک‌ (وَ أَنفُسِكُم‌) فتحاربون‌ بنفوسكم‌. ‌ثم‌ ‌قال‌ (ذلِكُم‌ خَيرٌ لَكُم‌) ‌ أي ‌ ‌ما ذكرته‌ لكم‌ و وصفته‌ أنفع‌ لكم‌ و خير عاقبة ‌إن‌ علمتم‌ ‌ذلک‌ و اعترفتم‌ بصحته‌. و إنما ‌قال‌ (ذلِكُم‌ خَيرٌ لَكُم‌) ‌مع‌ ‌أن‌ تركه‌ قبيح‌ و معصية للّه‌، لان‌ المعني‌ ذلكم‌ خير لكم‌ ‌من‌ رفعه‌ عنكم‌، لان‌ ‌ما أدي‌ ‌إلي‌ الثواب‌ خير ‌من‌ رفعه‌ ‌إلي‌ نعيم‌ ليس‌ بثواب‌ ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌. و التكليف‌ خير ‌من‌ رفعه‌ ‌إلي‌ الابتداء بالنعم‌ لكل‌ ‌من‌ عمل‌ بموجبه‌، و ‌قيل‌: إيمانكم‌ باللّه‌ خير لكم‌ ‌من‌ تضييعه‌ بالمشتهي‌ ‌من‌ أفعالكم‌ (إِن‌ كُنتُم‌ تَعلَمُون‌َ) مضار الأشياء و منافعها و إنما جاز (تُؤمِنُون‌َ بِاللّه‌ِ) ‌مع‌ ‌أنه‌ محمول‌ ‌علي‌ التجارة و خبر عنها، و ‌لا‌ يصلح‌ ‌أن‌ يقال‌ التجارة تؤمنون‌. و إنما يقال‌ التجارة ‌أن‌ تؤمنوا باللّه‌، لأنه‌ ‌علي‌ طريق‌ ‌ما يدل‌ ‌علي‌ خبر التجارة ‌لا‌ ‌علي‌ نفس‌ الخبر إذ الفعل‌ يدل‌ ‌علي‌ مصدره‌ و انعقاده‌ بالتجارة ‌في‌ المعني‌


[1] ‌سورة‌ 4 النساء آية 139
[2] انظر 3/ 307، 359
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 9  صفحة : 596
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست