لا في اللفظ. و في ذلک توطئة لما بني علي المعني من الإيجاز. و العرب تقول: هل لك في خير تقدم إلي فلان، فتعوده و أن تقدم اليه.
و قوله (يَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم) أي متي فعلتم ذلک ستر عليكم ذنوبكم، و جزمه لأنه جواب (تُؤمِنُونَ) لأنه في معني آمنوا يغفر لكم. و قال الفراء: هو جواب (هل) و إنما جاز جزم (يغفر لكم) لأنه جواب الاستفهام. و المعني هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم يعلمكم بها، فإنكم إن عملتم بها يغفر لكم ذنوبكم و کان ابو عمرو يدغم الراء في اللام في قوله (يغفر لكم) و لا يجوز ذلک عند الخليل و سيبويه، لان في الراء تكرار، و لذلك غلبت المستعلي في طارد. (وَ يُدخِلكُم جَنّاتٍ تَجرِي مِن تَحتِهَا الأَنهارُ) عطف علي قوله (يغفر لكم) فلذلك جزمه (خالدين فيها) أي مؤبدين (وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً) أي و لهم في الجنة مساكن طيبة مستلذة (فِي جَنّاتِ عَدنٍ) أي في بساتين إقامة مؤبدة. ثم قال (ذلِكَ الفَوزُ العَظِيمُ) يعني ألذي وصفه من النعيم هو الفلاح العظيم ألذي لا يوازيه نعمة. و قيل: الفوز النجاة من الهلاك الي النعيم.
و قوله (وَ أُخري تُحِبُّونَها) معناه و لكم خصلة أخري مع ثواب الآخرة (نَصرٌ مِنَ اللّهِ) في الدنيا عليهم (وَ فَتحٌ قَرِيبٌ) لبلادهم. ثم قال (وَ بَشِّرِ المُؤمِنِينَ) بذلك أي بما ذكرته من النعيم و النصر في الدنيا و الفتح القريب.
ثم خاطب المؤمنين فقال (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصارَ اللّهِ) و معناه كونوا أنصار دين اللّه ألذي هو الإسلام بأن تدفعوا أعداءه عنه و عن دينه ألذي جاء به (كَما قالَ عِيسَي ابنُ مَريَمَ لِلحَوارِيِّينَ) أي مثلكم مثل قول عيسي للحواريين، و هم خاصته، و سمي خاصة الأنبياء حواريين، لأنهم أخلصوا من کل عيب- في قول الزجاج- و قيل: سموا حواريين لبياض ثيابهم. و قال إبن عباس: كانوا صيادين