تريد الليلة طلوع الهلال فتحذف المضاف و تقيم المضاف اليه مقامه.
و قوله (فَلَمّا جاءَهُم بِالبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحرٌ مُبِينٌ) قيل فيه قولان:
أحدهما- إن محمداً لما جاء كفار قومه بالبينات أي المعجزات، قالوا هذا سحر واضح بين.
و قال قوم: معناه فلما جاء عيسي قومه بالبينات و المعجزات قالوا له هذا القول. و من نسب الحق إلي السحر فقد جري في ذلک مجري الجحد لنعم اللّه في أنه قد كفر، فان کان دون ذلک کان جاهلا و فاسقاً، لو لم يكفر. و السحر حيلة توهم امراً ليس له حقيقة كايهام انقلاب الحبل حية.
و قوله (وَ مَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَري عَلَي اللّهِ الكَذِبَ وَ هُوَ يُدعي إِلَي الإِسلامِ) صورته صورة الاستفهام و المراد به التبكيت. و معناه لا أحد أظلم لنفسه ممن افتري علي اللّه الكذب و خرص عليه، و هو يدعي إلي الإسلام يعني الاستسلام لأمره و الانقياد لطاعته، و هو متوجه إلي كفار قريش و سائر في جميع الكفار.
ثم قال (وَ اللّهُ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمِينَ) و معناه لا يحكم بهداية القوم الظالمين الّذين هم الكفار. و قيل: معناه لا يهدي الكفار إلي الثواب، لأنهم كفار ظالمون لأنفسهم بفعل الكفر و المعاصي الّتي يستحق بها العقاب، و کل كافر ظالم لأنه أضر نفسه بفعل معصية استحق بها العقاب من اللّه تعالي، فكفره ضرر قبيح.
ثم وصف الكافرين الّذين عناهم بالآية فقال (يُرِيدُونَ لِيُطفِؤُا نُورَ اللّهِ بِأَفواهِهِم) و معناه إنهم يريدون إذهاب نور الإسلام و الايمان بفاسد الكلام ألذي يجري مجري تراكم الظلام. و قيل: معناه هم كمن أراد إطفاء نور الشمس بفيه.
و قوله (وَ اللّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَ لَو كَرِهَ الكافِرُونَ) معناه إن اللّه يتم نور الإسلام و يبلغ غايته و إن كره ذلک الكفار الجاحدون لنعم اللّه.