اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 592
من يقاتل في سبيله و يجاهد أعداء دينه و يزيد ثوابهم و منافعهم. و قوله «صَفًّا» أي يقاتلونهم مصطفين، و هو مصدر في موضع الحال. و قوله «كَأَنَّهُم بُنيانٌ مَرصُوصٌ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- كأنه بني بالرصاص لتلاؤمه و لشدة اتصاله.
الثاني- كأنه حائط ممدود علي رص البناء أي أحكامه و اتصاله و استقامته و المرصوص المتلائم ألذي لا خلل فيه و مثل مرصوص شديد اللصوق في الاتصال و الثبوت ثم قال للنبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و أذكر «إِذ قالَ مُوسي لِقَومِهِ يا قَومِ لِمَ تُؤذُونَنِي وَ قَد تَعلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيكُم» لأنه مع العلم بنبوته لا يجوز إيذاءه، و كانوا يؤذونه، فيقولون: هذا ساحر كذاب، و يرمونه بالبرص و غير ذلک. و قوله «فَلَمّا زاغُوا أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُم» فالزيغ الذهاب عن الشيء باسراع فيه و الأظهر فيه الذهاب عن الحق، و المعني إنهم لما ذهبوا عن طريق الحق، و مالوا إلي طريق الباطل «أَزاغَ اللّهُ قُلُوبَهُم» بمعني انه حكم عليها بالزيغ و الميل عن الحق، و لذلك قال «وَ اللّهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقِينَ» و معناه لا يحكم لهم بالهداية. و قيل: معناه فلما زاغوا عن الايمان أزاغ اللّه قلوبهم عن الثواب، و لا يجوز ان يکون المراد أزاغ اللّه قلوبهم عن الايمان لأن اللّه لا يزيغ أحداً و لا يضله عن الايمان، و ايضاً فانه لا فائدة في الكلام علي ما قالوه، لأنهم إذا زاغوا عن الايمان فقد حصلوا كفاراً، فلا معني لقوله أزاغ اللّه