الوريد في القرب في أني أعلم به. و قيل: معناه أقرب إليه بما يدركه من حبل الوريد لو کان مدركاً. و قيل: و نحن أملك به من حبل الوريد في الاستيلاء عليه، و ذلک أن حبل الوريد في حيز غير حيزه. و اللّه تعالي مدرك بنفسه و مالك له بنفسه.
و قوله «إِذ يَتَلَقَّي المُتَلَقِّيانِ» (إذ) متعلقة بقوله «وَ نَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ» حين يتلقي المتلقيان، يعني الملكين الموكلين بالإنسان «عَنِ اليَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ» أي عن يمينه و عن شماله. و إنما وحد «قعيد» لاحد وجهين:
أحدهما- إنه حذف من الأول لدلالة الثاني عليه، کما قال الشاعر:
نحن بما عندنا و انت بما عندك راض و الرأي مختلف[1]
أي نحن بما عندنا رضوان، فتقدير الآية عن اليمين قعيد، و عن الشمال قعيد الثاني- إنه يکون القعيد علي لفظ الواحد، و يصلح للاثنين و الجمع كالرسول لأنه من صفات المبالغة، و فيه معني المصدر، كأنه قيل: ذو المراقبة. و قال مجاهد:
القعيد الرصيد، و قيل: عن اليمين ملك يكتب الحسنات، و عن الشمال ملك يكتب السيئات- في قول الحسن و مجاهد- و قال الحسن: حتي إذا مات طويت صحيفة عمله و قيل له يوم القيامة «اقرَأ كِتابَكَ كَفي بِنَفسِكَ اليَومَ عَلَيكَ حَسِيباً»[2] فقد عدل- و اللّه- عليه من جعله حسيب نفسه. و قال الحسن: الحفظة أربعة: ملكان بالنهار و ملكان بالليل.
و قوله «ما يَلفِظُ مِن قَولٍ إِلّا لَدَيهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» أي لا يتكلم بشيء من القول إلا و عنده حافظ يحفظ عليه، فالرقيب الحافظ و العتيد المعد للزوم الأمر.
و قوله «وَ جاءَت سَكرَةُ المَوتِ بِالحَقِّ» قيل في معناه قولان:
أحدهما- جاءت السكرة بالحق من أمر الآخرة حتي عرفه صاحبه و اضطر اليه