خمس آيات.
يقول اللّه تعالي مقسماً إنه خلق الإنسان أي اخترعه و انشأه مقدراً. و الخلق الفعل الواقع علي تقدير و ترتيب. و المعني إنه يوجده علي ما تقتضيه الحكمة من غير زيادة و لا نقصان. و أخبر انه يعلم ما يوسوس به صدر الإنسان. فالوسوسة حديث النفس بالشيء في خفي، و منه قوله «فَوَسوَسَ إِلَيهِ الشَّيطانُ»[1] و منه الوسواس كثرة حديث النفس بالشيء من غير تحصيل قال رؤية:
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق[2]
ثم اخبر تعالي انه اقرب إلي الإنسان من حبل الوريد. قال إبن عباس و مجاهد: الوريد عرق في الحلق و هما وريدان في العنق: من عن يمين و شمال، و كأنه العرق ألذي يرد اليه ما ينصب من الرأس، فسبحان اللّه الخلاق العليم ألذي احسن الخلق و التدبير، و جعل حبل الوريد العاتق، و هو يتصل من الحلق إلي العاتق هذا العرق الممتذ للإنسان من ناحيتي حلقه إلي عاتقه، و هو الموضع ألذي يقع الرداء عليه لأنه يطلق الرداء من موضعه. قال رؤبة:
کان وريديه رشا خلب
أي ليف. و قال الحسن: الوريد الوتين: و هو عرق معلق به القلب، فاللّه تعالي أقرب إلي المرء من قلبه. و قيل: المعني و نحن أقرب اليه ممن کان بمنزلة حبل