عقاب اللّه و محذراً من معاصيه و مرغباً في طاعاته. و
قيل: إن اصحاب النبي صَلي اللّهُ عليه و آله شكوا إليه ما يلقون من اهل مكة من الأذي، فقال لهم (إني رأيت في المنام أني أهاجر إلي ارض ذات نخل و شجر) ففرحوا بذلك، فلما تأخر ذلک، قالوا:
يا رسول اللّه ما نري ما بشرتنا به، فانزل اللّه الآية.
و قوله (مبين) معناه مظهر لكم الحق فيه.
ثم قال (قل) لهم يا محمّد (أَ رَأَيتُم إِن كانَ مِن عِندِ اللّهِ) يعني هذا القرآن (و كفرتم به) يعني بالقرآن (وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِن بَنِي إِسرائِيلَ عَلي مِثلِهِ) قال إبن عباس و مجاهد و قتادة و الضحاك و الحسن و عون بن مالك الاشجعي صحابي، و إبن زيد: نزلت الآية في عبد اللّه بن سلام، و هو الشاهد من بني إسرائيل، فروي أن عبد اللّه بن سلام جاء إلي النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله و قال: يا رسول اللّه سل اليهود عني فهم يقولون هو أعلمنا، فإذا قالوا ذلک قلت لهم إن التوراة دالة علي نبوتك و أن صفاتك فيها واضحة، فلما سألهم عن ذلک، قالوا ذلک، فحينئذ اظهر إبن سلام إيمانه و أوقفهم علي ذلک، فقالوا هو شرنا و إبن شرنا. و قال الفراء: هو رجل من اليهود.
و قال مسروق: الشاهد من بني إسرائيل هو موسي عليه السلام شهد علي التوراة کما شهد النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله علي القرآن، قال: لان السورة مكية و إبن سلام أسلم بالمدينة.
و قوله (فَآمَنَ وَ استَكبَرتُم) عن الايمان و جواب (إِن كانَ مِن عِندِ اللّهِ) محذوف. قال الزجاج: تقديره (فَآمَنَ وَ استَكبَرتُم) فلا تؤمنون. و قال غيره تقديره فآمن و استكبرتم إنما تهلكون. و قال الحسن: جوابه فمن أضل منكم.
ثم اخبر تعالي فقال (إِنَّ اللّهَ لا يَهدِي القَومَ الظّالِمِينَ) و يحتمل أمرين:
أحدهما- إنه لا يهديهم إلي الجنة لاستحقاقهم العقاب.
و الثاني- إنه لا يحكم بهداهم لكونهم ضلالا ظالمين. و لا يجوز ان يکون