بفضل نبيها.
ثم قال (و آتيناهم) يعني أعطيناهم (بَيِّناتٍ مِنَ الأَمرِ) أي دلالات و براهين واضحات من الأمر ثم قال (فما اختلفوا) أي لم يختلفوا (إِلّا مِن بَعدِ ما جاءَهُمُ العِلمُ بَغياً بَينَهُم) فالاختلاف اعتقاد کل واحد من النفيسين ضد ما يعتقده الآخر إذا کان اختلافاً في المذهب، و قد يکون الاختلاف في الطريق بأن يذهب أحدهما يمنة، و الآخر يسرة، و قد يکون الاختلاف في المعاني بأن لا يسد أحدهما مسد الآخر في ما يرجع إلي ذاته. و إختلاف بني إسرائيل کان في ما يرجع إلي المذاهب.
و قوله (بغياً بينهم) نصب علي المصدر، و يجوز ان يکون علي انه مفعول له أي اختلفوا للبغي و طلب الرياسة. و معني البغي الاستعلاء بالظلم، و هو خلاف الاستعلاء بالحجة. و البغي يدعو إلي الاختلاف لما فيه من طلب الرفعة بما لا يرجع إلي حقيقة و لا يسوغ في الحكمة، و إنما کان ذلک طلباً للرئاسة و الامتناع من الانقياد للحق بالانفة، ثم قال (إن ربك) يا محمّد (يَقضِي بَينَهُم يَومَ القِيامَةِ) أي يحكم و يفصل بين المحق منهم و المبطل في ما كانوا يختلفون في دار التكليف، و قيل: الحكم العلم بالفصل بين النّاس في الأمور. ثم قال تعالي لنبيه صَلي اللّهُ عَليه و آله (ثم جعلناك) يا محمّد (عَلي شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمرِ) فالشريعة السنة الّتي من سلك طريقها أدته إلي البغية كالشريعة الّتي هي طريق إلي الماء، و هي علامة منصوبة علي الطريق إلي الجنة كأداء هذا الي الوصول إلي الماء، فالشريعة العلامات المنصوبة من الأمر و النهي المؤدية إلي الجنة، ثم قال (فاتبعها) يعني اعمل بهذه الشريعة (وَ لا تَتَّبِع أَهواءَ الَّذِينَ لا يَعلَمُونَ) الحق و لا يفصلون بينه و بين الباطل.
ثم اخبر النبي صَلي اللّهُ عَليه و آله فقال (إِنَّهُم لَن يُغنُوا عَنكَ مِنَ اللّهِ شَيئاً) يعني هؤلاء