خمس آيات بلا خلاف.
هذا قسم من اللّه تعالي بأنه أعطي بني إسرائيل الكتاب يعني التوراة و آتاهم الحكم، و هو العلم بالفصل بين الخصمين و بين المحق و المبطل، يقال: حكم في الامر يحكم حكما، و حكمته في أمري تحكيماً، و احكم العمل إحكاماً، و استحكم الشيء استحكاماً، و حاكمته إلي الحاكم محاكمة (وَ رَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّباتِ) فالرزق العطاء الجاري علي توقيت و توظيف في الحكم، و إنما قلنا في الحكم، لأنه لو حكم بالعطاء الموقت في الأوقات الدائرة علي الاستمرار لكان رازقاً و إن اقتطعه ظالم عن ذلک العطاء. ثم قال (وَ فَضَّلناهُم عَلَي العالَمِينَ) و التفضيل جعل الشيء أفضل من غيره بإعطائه من الخير ما لم يعط غيره أو بالحكم لأنه أفضل منه، فاللّه تعالي فضل بني إسرائيل بما أعطاهم علي عالمي زمانهم. قال الحسن: فضلهم اللّه علي أهل زمانهم و قال قوم: فضلهم بكثرة الأنبياء منهم علي سائر الأمم، و إن كانت أمة محمّد صَلي اللّهُ عَليه و آله أفضل في كثرة المطيعين للّه، و كثرة العلماء منهم، کما تقول هذا أفضل في علم النحو، و ذاك في علم الفقه، فأمة محمّد صَلي اللّهُ عَليه و آله أفضل في علو منزلة نبيها عند اللّه علي سائر الأنبياء، و كثرة العلماء منهم و العاملين بالحق لقوله تعالي (كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ)[1] فأولئك خالف أكثرهم أنبياءهم و وافق كثير من هؤلاء علماءهم و أخذوا عنهم و اقتبسوا من نورهم، و الفضل الخير الزائد علي غيره و أمة محمّد صَلي اللّهُ عَليه و آله أفضل