اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 9 صفحة : 180
و قوله «و الكتاب» خفض بالقسم. و قيل: تقديره و رب الكتاب، و المراد بالكتاب القرآن، و المبين صفة له. و انما وصف بذلك لأنه أبان عن طريق الهدي من الضلالة، و کل ما تحتاج اليه الأمّة في الديانة. و البيان هو الدليل الدال علي صحة الشيء و فساده. و قيل: هو ما يظهر به المعني للنفس عند الإدراك بالبصر و السمع، و هو علي خمسة أوجه: باللفظ، و الحظ، و العقد بالأصابع، و الاشارة اليه، و الهيئة الظاهرة للحاسة، كالاعراض عن الشيء، و الإقبال عليه، و التقطيب و ضده و غير ذلک. و اما ما يوجد في النفس من العلم، فلا يسمي بياناً علي الحقيقة و کل ما هو بمنزلة الناطق بالمعني المفهوم فهو مبين.
و قوله «إِنّا جَعَلناهُ قُرآناً عَرَبِيًّا» اخبار منه تعالي انه جعل القرآن ألذي ذكره عربياً بأن يفعله علي طريقة العرب في مذاهبها في الحروف و المفهوم. و مع ذلک فانه لا يتمَكن أحد منهم من إنشاء مثله و الإتيان بما يقاربه في علو طبقته في البلاغة و الفصاحة، اما لعدم علمهم بذلك أو صرفهم علي حسب اختلاف النّاس فيه.
و هذا يدل علي جلالة موقع التسمية في التمكن به و التعذر مع فقده. و فيه دلالة علي حدوثه لان المجعول هو المحدث. و لان ما يکون عربياً لا يکون قديماً لحدوث العربية. فان قيل: معني جعلناه سميناه لأن الجعل قد يکون بمعني التسمية. قلنا:
لا يجوز ذلک- هاهنا- لأنه لو کان كذلك لكان الواحد منا إذا سماه عربياً فقد جعله عربياً، و کان يجب لو کان القرآن علي ما هو عليه و سماه اللّه اعجمياً أن يکون اعجمياً او کان يکون بلغة العجم و سماه عربياً ان يکون عربياً، و کل ذلک فاسد.
و قوله «لَعَلَّكُم تَعقِلُونَ» معناه جعلناه علي هذه الصفة لكي تعقلوا و تفكروا في ذلک فتعلموا صدق من ظهر علي يده.