و قوله «لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ» معناه لعال في البلاغة مظهر ما بالعباد اليه الحاجة مما لا شيء منه إلا يحسن طريقه و لا شيء أحسن منه. و القرآن بهذه الصفة علمه من علمه و جهله من جهله لتفريطه فيه و (حكيم) معناه مظهر المعني ألذي يعمل عليه المؤدي الي العلم و الصواب. و القرآن من هذا الوجه مظهر للحكمة البالغة لمن تدبره و أدركه.
ثم قال لمن جحده و لم يعتبر به علي وجه الإنكار عليهم «أَ فَنَضرِبُ عَنكُمُ الذِّكرَ صَفحاً» معناه أ نعرض عنكم جانباً باعراضكم عن القرآن و التذكر له و التفكر فيه «أَن كُنتُم قَوماً مُسرِفِينَ» علي نفوسكم بترككم النظر فيه و الاعتبار بحججه.
و من كسر الهمزة جعله مستأنفاً شرطاً. و من فتحها جعله فعلا ماضياً أي إذ كنتم کما قال «أَن جاءَهُ الأَعمي»[1] بمعني إذ جاءه الأعمي، فموضع (أن) نصب عند البصريين و جر عند الكسائي، لأن التقدير الذكر صفحاً، لان كنتم و بأن كنتم.