يقول اللّه تعالي «مَن عَمِلَ صالِحاً» أي فعل افعلا هي طاعة «فَلِنَفسِهِ» لان ثوابه واصل اليه، و هو المنتفع به دون غيره «وَ مَن أَساءَ» يعني فعالا فعلا قبيحاً، من الاساءة إلي غيره او غيرها «فعليها» أي فعلي نفسه لأن و بال ذلک و عقابه يلحقه دون غيره.
ثم قال تعالي علي وجه النفي عن نفسه ما لا يليق به من فعل القبيح و التمدح به «و ما ربك» أي و ليس ربك «بظلام للعبيد» و إنما قال (بظلام) علي وجه المبالغة في نفي الظلم عن نفسه مع انه لا يفعل مثقال ذرة لأمرين:
أحدهما- انه لو فعل فاعل الظلم، و هو غير محتاج اليه مع علمه بقبحه و بأنه غني لكان ظلاماً، و ما هو تعالي بهذه الصفة لأنه غني عالم.
الثاني- إنه علي طريق الجواب لمن زعم انه يفعل ظلم العباد. فقال: ما هو بهذه الصفة الّتي يتوهمها الجهال، فيأخذ احداً بذنب غيره، و الظلام هو الفاعل لما هو من افحش الظلم. و الظالم من فعل الظلم، و ظالم صفة ذم، و كذلك قولنا فاعل الظلم هما سواء، و كذلك آثم فاعل الإثم، و سيء فاعل الاساءة.
و قوله «إِلَيهِ يُرَدُّ عِلمُ السّاعَةِ» معناه اليه يرد علم الساعة الّتي يقع فيها الجزاء للمطيع و العاصي فاحذروها قبل ان تأني، کما يرد اليه علم إخراج الثمار و ما يکون من الأولاد و النتاج، فذاك غائب عنكم و هذا مشاهد لكم، و قد دل عليه و لزم، و کل من سئل متي قيام الساعة! وجب أن يقول: اللّه تعالي العالم به حتي يکون قد ردّه إلي اللّه «و ما يخرج من ثمرة من أكمامها» معناه و عنده علم ذلک. و أكمام الثمرة وعاؤها ألذي تكون فيه. و قيل: الأكمام جمع كمة، و هو الطرف المحيط بالشيء. و قال الحسن: الأكمام- هاهنا- ليف النخيل. و قيل: مِن أَكمامِها معناه خروج الطلع من قشره «وَ ما تَحمِلُ مِن أُنثي وَ لا تَضَعُ إِلّا بِعِلمِهِ» أي و عنده