مخبرين. و من قرأ علي الاستفهام أراد انهم يقولون ذلک علي وجه الإنكار، و إنما قوبل الأعجمي في الآية بالعربي، و خلاف العربي العجمي لان الأعجمي في انه لا يبين مثل العجمي عندهم من حيث اجتمعا في انهما لا يبينان، قوبل به العربي في قوله «أَعجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ» و حكي ان الحسن قرأ «اعجمي» بفتح العين قابل بينه و بين قوله «و عربي» فقال اللّه تعالي لنبيه «قل» لهم يا محمّد «هو» يعني القرآن «لِلَّذِينَ آمَنُوا» باللّه و صدقوا بتوحيده و أقروا بنبوة نبيه «هدي» يهتدون به «و شفاء» من سقم الجهل «وَ الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ» باللّه و لا يصدقون بتوحيده «فِي آذانِهِم وَقرٌ» يعني ثقل إذ هم بمنزلة ذلک من حيث لم ينتفعوا بالقرآن فكأنهم صم او في آذانهم ثقل «وَ هُوَ عَلَيهِم عَمًي» حيث ضلوا عنه و جاروا عن تدبيره فكأنه عمي لهم. و قوله «أُولئِكَ يُنادَونَ مِن مَكانٍ بَعِيدٍ» علي وجه المثل، فكأنهم الّذين ينادون من مكان بعيد و يسمعوا الصوت و لا يفهموا المعني من حيث لم ينتفعوا به، و قال مجاهد: لبعده عن قلوبهم. و قال الضحاك: ينادون الرجل في الآخرة كبأشنع أسمائه، و قيل: معناه أولئك لا يفهمون ذلک کما يقال لمن لا يفهم شيئاً:
كبأنك تنادي من مكان بعيد.
ثم اقسم تعالي بأنه آتي «مُوسَي الكِتابَ» يعني التوراة «فَاختُلِفَ فِيهِ» لأنه آمن به قوم و جحدوه آخرون، تسلية للنبي صَلي الله عليه و آله عن جحود قومه و إنكارهم نبوته. ثم قال «وَ لَو لا كَلِمَةٌ سَبَقَت مِن رَبِّكَ» في انه لا يعاجلهم بالعقوبة و انه يؤخرهم إلي يوم القيامة «لَقُضِيَ بَينَهُم» أي لفصل بينهم بما يجب من الحكم.
ثم اخبر عنهم فقال «وَ إِنَّهُم لَفِي شَكٍّ مِنهُ» يعني مما ذكرناه «مريب» يعني أقبح الشك لأن الريب أفظع الشك، و في ذلک دلالة علي جواز الخطأ علي اصحاب المعارف لأنه تعالي بين انهم في شك و انهم يؤاخذون مع ذلک.