و لا عما تأخر.
ثم وصف تعالي القرآن بأنه «تَنزِيلٌ مِن حَكِيمٍ حَمِيدٍ» فالحكيم هو ألذي أفعاله كلها حكمة فيكون من صفات الفعل، و يکون بمعني العالم بجميع الأشياء و أحكامها فيكون من صفات الذات. و (الحميد) هو المحمود ألذي يستحق الحمد و الشكر علي جميع أفعاله لان أفعاله كلها نعمة يجب بها الشكر.
و قوله «ما يُقالُ لَكَ إِلّا ما قَد قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبلِكَ» قيل في معناه اقوال:
أحدها- من الدعاء الي الحق في عبادة الله تعالي و لزوم طاعته.
و الثاني- ما حكاه تعالي بعده من «إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ» فيكون علي جهة الوعد و الوعيد.
و الثالث- قال قتادة و السدي: و هو تعزية للنبي صلي الله عليه و آله بأن ما يقول لك المشركون مثل ما قال من قبلهم من الكفار لأنبيائهم من التكذيب و الجحد لنبوتهم.
و قوله «إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغفِرَةٍ وَ ذُو عِقابٍ أَلِيمٍ» أي و قد يفعل العقاب بالعصاة من الكفار قطعاً و من الفساق علي تجويز عقابهم، فلا ينبغي ان يغتروا و يجب عليهم أن يتحرزوا بترك المعاصي و فعل الطاعات.
ثم قال تعالي «وَ لَو جَعَلناهُ» يعني الذكر ألذي قدم ذكره «قُرآناً أَعجَمِيًّا» أي مجموعاً بلغة العجم، يقال: رجل أعجمي إذا کان لا يفصح و إن کان عربي النسب، و عجمي إذا کان من ولد العجم و إن کان فصيحاً بالعربية. قال ابو علي:
يجوز ان يقال: رجل أعجمي يراد به أعجم بغير ياء کما يقال: أحمري و احمر، و دواري و دوار «لَقالُوا لَو لا فُصِّلَت آياتُهُ» و معناه هلا فصلت آياته و ميزت. و قالوا «أَعجَمِيٌّ وَ عَرَبِيٌّ» أي ، قالوا القرآن أعجمي و محمّد عربي- ذكره سعيد بن جبير- و قال السدي: قالوا اعجمي و قوم عرب. و من قرأ علي الخبر حمله علي أنهم يقولون ذلک