و جاز أن يضمر، و إن لم يجر له ذكر، لأن الحال تدل عليه، و يکون تقديره بالإسراف جارياً مجري قوله في أكل مال اليتيم «وَ لا تَأكُلُوها إِسرافاً وَ بِداراً أَن يَكبَرُوا»[1] و إن لم يجز أن تأكل منه لا علي الاقتصاد و لا علي غيره، لقوله «إِنَّ الَّذِينَ يَأكُلُونَ أَموالَ اليَتامي ظُلماً إِنَّما يَأكُلُونَ فِي بُطُونِهِم ناراً»[2] فحظر أكل مال اليتيم حظراً عامّاً و علي کل حال، فكذلك لا يمتنع أن يقال للقاتل الأول لا تسرف في القتل، لأنه يکون بقتله مسرفاً، و يؤكد ذلک قوله «يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسرَفُوا عَلي أَنفُسِهِم»[3] فالقاتل داخل في هذا الخطاب- بلا خلاف- مع جميع مرتكبي الكبائر، و يکون الضمير علي هذا في قوله «إِنَّهُ كانَ مَنصُوراً» علي قوله «وَ مَن قُتِلَ مَظلُوماً» [و تقديره، فلا يسرف القاتل الأول بقتله في القتل، لأن من قتل مظلوماً کان منصوراً][4] بأن يقتص له وليّه أو السلطان إن لم يكن له وليّ غيره، فيكون هذا ردعاً للقاتل عن القتل، کما أن قوله «وَ لَكُم فِي القِصاصِ حَياةٌ»[5] كذلك، فالولي إذا اقتص، فإنما يقتص للمقتول، و منه انتقل إلي الولي بدلالة أن المقتول يبرئ من السبب المؤدي إلي القتل، و لم يكن للولي أن يقتص، و لو صالح الولي من العمد- علي مال کان- للمقتول أن يؤديه منه ديناً عليه أن يقتص منه دون المقتول، و لا يمتنع أن يقال في المقتول منصور، لأنه قد جاء قوله «وَ نَصَرناهُ مِنَ القَومِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا».
و الآخر- أن يکون في يسرف ضمير الولي، و تقديره فلا يسرف الولي في القتل، و إسرافه فيه أن يقتل غير من قتل او يقتل اكثر من قاتل وليه، لان مشركي العرب كانوا يفعلون ذلک، و التقدير فلا يسرف في القتل ان الولي کان منصوراً بقتل قاتل وليّه. و الاقتصاص منه.
و من قرا بالتاء احتمل ايضاً وجهين: