حصلت‌ ‌له‌ الدرجات‌ العالية ‌من‌ الثواب‌. و إنما أراد يبين‌ ‌أن‌ التفاضل‌ ‌في‌ الدنيا ‌إذا‌ ‌کان‌ يتنافس‌ ‌عليه‌، فالتفاضل‌ ‌في‌ الجنة اولي‌ بأن‌ يرغب‌ ‌فيه‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ لنبيه‌ و المراد ‌به‌ امّته‌ «لا تَجعَل‌ مَع‌َ اللّه‌ِ إِلهاً آخَرَ» توجه‌ إليه‌ عبادتك‌ و تستدعي‌ الحوائج‌ ‌من‌ قبله‌ فإنك‌ ‌إن‌ فعلت‌ ‌ذلک‌ قعدت‌ مذموماً مخذولًا، و ‌إذا‌ ‌کان‌ الخطاب‌ عامّاً ‌کان‌ التقدير، ‌فلا‌ تجعل‌ ايها الإنسان‌ ‌مع‌ ‌الله‌ إلهاً آخر. و نصب‌ «فتقعد» لأنه‌ جواب‌ النهي‌.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ الإسراء (17): الآيات‌ 23 ‌الي‌ 24]

وَ قَضي‌ رَبُّك‌َ أَلاّ تَعبُدُوا إِلاّ إِيّاه‌ُ وَ بِالوالِدَين‌ِ إِحساناً إِمّا يَبلُغَن‌َّ عِندَك‌َ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل‌ لَهُما أُف‌ٍّ وَ لا تَنهَرهُما وَ قُل‌ لَهُما قَولاً كَرِيماً (23) وَ اخفِض‌ لَهُما جَناح‌َ الذُّل‌ِّ مِن‌َ الرَّحمَةِ وَ قُل‌ رَب‌ِّ ارحَمهُما كَما رَبَّيانِي‌ صَغِيراً (24)

آيتان‌ بلا خلاف‌.

قرا حمزة و الكسائي‌ و خلف‌ «يبلغان‌» بألف‌ و كسر النون‌ ‌علي‌ التثنية.

الباقون‌ يبلغن‌ ‌علي‌ الوحدة. و قرأ ‌إبن‌ كثير، و ‌إبن‌ عباس‌، و يعقوب‌ «اف‌َّ» بفتح‌ الفاء ‌من‌ ‌غير‌ تنوين‌. و قرأ اهل‌ المدينة و حفص‌ بكسر الفاء ‌مع‌ التنوين‌. الباقون‌ بكسر الفاء ‌من‌ ‌غير‌ تنوين‌. و مثله‌ ‌في‌ الأحقاف‌.

‌قال‌ ابو علي‌ الفارسي‌ ‌قوله‌ «أحدهما» مرتفع‌ بالفعل‌، و ‌قوله‌ «‌او‌ كلاهما» معطوف‌ ‌عليه‌، و الذِّكر ‌ألذي‌ عاد ‌من‌ ‌قوله‌ «أحدهما» يغني‌ ‌عن‌ إثبات‌ علامة الضمير ‌في‌ (يبلغن‌ّ)، ‌فلا‌ وجه‌ لمن‌ ‌قال‌: ‌إن‌ الوجه‌ إثبات‌ الالف‌، لتقدم‌ ذكر الوالدين‌.

و يجوز ‌ان‌ ‌يکون‌ رفع‌ (أحدهما) ‌علي‌ البدل‌ ‌من‌ الضمير ‌في‌ (يبلغان‌) و يجوز ‌ان‌ يرفعه‌ بفعل‌ مجدد ‌علي‌ تقدير إما يبلغان‌ عندك‌ الكبر. يبلغ‌ أحدهما ‌او‌ كلاهما،