تجب قبل القيام الي الصلاة. و مثله قوله «وَ إِذا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلتَقُم طائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ»[1] و قيام الطائفة معه يجب أن يکون قبل إقامة الصلاة لأن إقامتها هو الإتيان بجميعها علي الكمال. و مثله قوله «ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالعُصبَةِ أُولِي القُوَّةِ»[2] و التقدير ما إنّ مفاتحه لتنوء بها العصبة أي يثقلون بها، و مثله قول الشاعر:
ذعرت القطا و نفيت عنه مقام الذئب كالرجل اللعين[3]
أراد مقام الذئب اللعين، و قد فصلوا بين المضاف و المضاف اليه قال الشاعر:
بين ذراعي و جبهة الأسد[4]
أراد بين ذراعي الأسد و جبهته.
و الرابع- أن يکون ذكر الارادة في الآية مجازاً و اتساعاً و تنبيهاً علي المعلوم من حال القوم و عاقبة أمرهم، و أنهم متي أمروا فسقوا و خالفوا، و جري ذلک مجري قولهم: إذا أراد التاجر أن يفتقر أتته النوائب من کل وجه، و جاء الخسران من کل طريق، و إذا أراد العليل ان يموت خلط في مأكله، و معلوم أن احداً ممن ذكرناه لم يرد ذلک، لكن لما کان المعلوم من حال هذا الخسران، و من حال ذاك الهلاك، حسن هذا الكلام، و کان أفصح و أبلغ، لما فيه من الاستعارة و المجاز ألذي لا يکون الكلام بليغاً من دونهما. و يکون تلخيص الكلام: إذا أردنا إهلاك قرية كقوله «جِداراً يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ»[5] أمرناهم بالطاعة، ففسقوا فيها، فحق عليها القول.
و انما خصّ المترفون بذكر الأمر، لأنهم الرؤوساء الّذين من عداهم تبع لهم، کما أمر فرعون و من عداه تبع له من القبط. و من حمله علي ان المراد به أكثرنا قال: لأن الأمر بالطاعة ليس بمقصور علي المترفين، بل هو عام لجميعهم، فلذلك شدّد الميم أو مدّ الهمزة.