اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 461
و انما قال «فَفَسَقُوا فِيها» و لم يقل: فكفروا، لأن المراد فتمردوا في كفرهم لأن الفسوق في الكفر الخروج إلي أفحشه، فكأنه قال ففسقوا بالخروج عن الأمر الي الكفر.
و قال إبن عباس و سعيد بن جبير: المعني أمرناهم بالطاعة، ففسقوا، و مثله أمرتك فعصيتني.
و من قرأ «أمّرنا مترفيها» بتشديد الميم من التأمير بمعني التسليط، و قد يکون بمعني أكثرنا. و يجوز ان يکون المعني أكثرنا عددهم أو مالهم، و قرئ (آمرنا) ممدوداً، و المعني أكثرنا مترفيها، و إنما قيل في الكثرة آمر القوم، لأنهم يحتاجون إلي أمير يأمرهم و ينهاهم، فقد آمروا لذلك، قال لبيد:
ان يغبطوا يهبطوا و ان آمروا يوماً يصيروا للهلاك و الفند[1]
و روي و الكند و قال بعضهم أمرنا بمعني أكثرنا، و قال ابو عمرو: و لا يکون من هذا المعني (أمرنا) قال ابو عبيد: يدل علي هذه اللغة قولهم: سكة مأبورة و مهرة مأمورة، أي كثيرة الولد. و من قال بالأول قال هذا لمكان الازدواج، کما قالوا الغدايا و العشايا، و الغداء لا يجمع علي غدايا، و لكن قيل ذلک ليزدوج الكلام مع قولهم: العشايا، و قال قوم: يقال أمر الشيء و أمّرته اي كثر و كثرّته لغتان، مثل رجع و رجعته. و المشهور الاول. و إنما تعدي اما بالتضعيف او الهمزة، و إذا کان مخففاً فهو من الأمر ألذي هو خلاف النهي، علي ما بيناه. و قال المبرد «أمرنا» خفيفة بمعني أكثرنا، و روي الجرمي:
فعلت و أفعلت[2]- عن أبي زيد- بمعني واحد، قال و قرأته علي الاصمعي.
«و دمرنا» معناه أهلكنا، و الدمار الهلاك.
[1] تفسير الطبري 15: 61 و الشوكاني (الفتح القدير) 3: 207 و لكن الكذب و الفند الهلاك. [2] هذا ما في المخطوطة، و کان في المطبوعة (ثقلت و أثقلت).
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 6 صفحة : 461