و قوله «وَ لَقَد عَلِمنَا المُستَقدِمِينَ مِنكُم وَ لَقَد عَلِمنَا المُستَأخِرِينَ» قيل في معناه ثلاثة اقوال:
أحدهما- قال مجاهد و قتادة من مضي و من بقي.
و ثانيها- قال الشعبي: أول الخلق و آخره.
و ثالثها- قال الحسن: المتقدمين في الخير و المبطئين.
و
قال الفرا: لما قال النبي صلّي اللّه عليه و سلّم إن اللّه يصلي علي الصف الاول، أراد بعض المسلمين ان يبيع داره النائية ليدنو الي المسجد، فيدرك الصف الاول. فأنزل اللّه الآية، و أنه يجازي فقراء النّاس علي نياتهم.
ثم اخبر تعالي ان ألذي خلقك يا محمّد هو ألذي يحشرهم بعد اماتتهم، و يبعثهم يوم القيامة، لأنه حكيم في أفعاله عالم بما يستحقونه من الثواب و العقاب.
(و الحشر) جمع الحيوان الي مكان، يقال: هؤلاء الحشّار، لأنهم يجمعون النّاس الي ديوان الخراج. و (الحكيم) العالم بما لا يجوز فعله، لقبحه، او سقوط الحمد عليه، مع انه لا يفعله، فعلي هذا يوصف تعالي فيما لم يزل بانه حكيم.
و الحكيم المحكم لأفعاله بمنع الخلل ان يدخل في شيء منها، فعلي هذا لا يوصف تعالي فيما لم يزل بانه حكيم.
وَ لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ مِن صَلصالٍ مِن حَمَإٍ مَسنُونٍ (26) وَ الجَانَّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ مِن نارِ السَّمُومِ (27)
آيتان بلا خلاف.
اخبر اللّه تعالي أنه خلق الإنسان، و المراد به آدم بلا خلاف.
و قيل في معني الصلصال قولان:
أحدهما- إنه الطين اليابس ألذي يسمع له عند النقر صلصلة. ذهب اليه إبن عباس و الحسن و قتادة.
و الثاني- قال مجاهد: هو مثل الخزف ألذي يصلصل. و قال مجاهد: