الصلصال المنتن- في رواية عنه- مشتق من صل اللحم و أصلّ إذا أنتن، و الاول أقوي، لقوله تعالي «خَلَقَ الإِنسانَ مِن صَلصالٍ كَالفَخّارِ»[1] و ما يبس كالفخار فليس بمنتن، و قال الفراء: الصلصال طين الحرار إذا خلط بالرمل إذا جفّ کان صلصالًا، و إذا طبخ کان فخاراً، و الصلصلة القعقعة، و هي صوت شديد متردد في الهواء كصوت الرعد، يقال لصوت الرعد صلصلة، و للثوب الجديد قعقعة، و اصل الصلصلة الصوت يقال: صلّ يصلّ و هو صليل إذا صوّت، قال الشاعر:
رجعت الي صدر كجرَّة حنتم إذا فرغت صفراً من الماء صلّت[2]
و قيل: خلق آدم علي صورة الإنسان من طين، ثم ترك حتي جف، فكانت الريح إذا مرت به سمع له صلصلة.
و قوله «مِن حَمَإٍ مَسنُونٍ» فالحمأ جمع حمأة، و هو الطين المتغير الي السواد، يقال: حمئت البئر و أحمأتها أنا إذا بلغت الحمأة. و قيل في معني (المسنون) قولان:
أحدهما- المصبوب من قولهم: سننت الماء علي الوجه و غيره إذا صببته، و عن إبن عباس: انه الرطب، فعلي هذا يکون رطباً مصبوباً ثم يبس فيصير كالفخار.
الثاني- انه المتغير، من قولهم: سننت الحديدة علي المسن إذا غيرتها بالتحديد، و الأصل الاستمرار في جهة، من قولهم هو علي سنن واحد.
و معني قوله «وَ الجَانَّ خَلَقناهُ مِن قَبلُ» المراد به إبليس، خلقه اللّه قبل آدم- في قول الحسن و قتادة- «مِن نارِ السَّمُومِ» اي من النار الحارة. و قال عبد اللّه:
هذه السموم جزء من سبعين جزء من السموم الّتي خرج منها الجان، و هو مأخوذ من دخولها بلطفها في مسام البدن و منه السم القاتل، يقال: سم يومنا يسم سموماً إذا هبت له ريح السموم.