و اما من خفف، فلانه حرف مضاعف و الحروف المضاعفة قد تحذف، و ان لم يحذف غير المضاعف، فمن المضاعف ألذي حذف (ان، و ان، و لكن) قد حذف کل واحد من الحروف، و ليس کل المضاعف يحذف، لاني لا أعلم الحذف في (ثم)، قال الهذلي:
أ زهير إن يشب القذال فانني رب هيضل لجب لففت بهيضل[1]
و اما دخول التاء في (ربتما) فان من الحروف ما يدخل عليه حرف التأنيث نحو (ثمَّ، و ثمّت، و لا، و لات) قال الشاعر:
ثمت لا يحزونني غير ذالكم و لكن سيحزنني المليك فيعقبا[2]
فلذلك الحق التاء في قوله «ربتما» و قال المبرد: قال الكسائي: العرب لا تكاد توقع (رب) علي أمر مستقبل، و هذا قليل في كلامهم، و إنما المعني عندهم ان يوقعوها علي الماضي، كقولهم: ربما فعلت ذلک، و ربما جاءني فلان.
و إنما جاز هذا، في القرآن، علي ما جاء في التفسير، ان ذلک يکون يوم القيامة.
و إنما جاز هذا، لأن کل شيء من أمر اللّه خاصة فإنه و إن لم يكن وقع بعد، فهو كالماضي ألذي قد کان، لأن وعده آت لا محالة، و علي هذا عامة القرآن، نحو قوله «وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّماواتِ وَ مَن فِي الأَرضِ»[3] و قوله «وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوا»[4] «وَ جاءَت كُلُّ نَفسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ»[5] و مع هذا يحسن ان يقال- في الكلام- إذا رأيت الرجل يفعل ما يشاء، تخاف عليه، ربما يندم، و ربما يتمني ان لا تكون فعلت، قال: و هذا كلام عربي حسن، و مثله قال الفراء و المبرد و غيرهم.
فان قيل لم قال «رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا» و رب للتقليل! قلنا عنه جوابان:
أحدهما- انه شغلهم العذاب عن تمني ذلک الا في القليل.