صفة الذم، کما قال تعالي: «وَ نَهَي النَّفسَ عَنِ الهَوي فَإِنَّ الجَنَّةَ هِيَ المَأوي»[1] و يقال: منه: هو يهوي و يقال: هوي يهوي هوياً إذا انحط في الهواء و أهوي بيده إذا انحط بها ليأخذ شيئاً. و «فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ»[2] أي جهنم، لأنه يهوي فيها. و هم يتهاوون في الهواء إذا سقط بعضهم في أثر بعض و الفرق بين الهوي و الشهوة: أن الشهوة تتعلق بالمدركات فيشتهي الإنسان الطعام، و لا يهوي الطعام. و هواء الجو ممدود، و هوي النفس مقصور.
و قوله: «وَ أَفئِدَتُهُم هَواءٌ»[3] قيل فيه قولان: أحدهما- أنها منحرفة لا تعي شيئا كهواء الجو. و الآخر أنه قد أطارها الخوف. و منه قوله «كَالَّذِي استَهوَتهُ الشَّياطِينُ فِي الأَرضِ حَيرانَ»[4] أي استهوته من هوي النفس.
و قوله: «فَرِيقاً كَذَّبُوا وَ فَرِيقاً يَقتُلُونَ» نصب فريقاً في الموضعين بأنه مفعول به قدم. و إنما قال في الأول «كذبوا» بلفظ الماضي. و في الثاني «يقتلون» بلفظ المستقبل لأمرين:
أحدهما- ليدل بذلك علي أن من شأنهم ذلک و عادتهم ففيه معني كذبوا و قتلوا و يكذبون و يقتلون مع موافقته لرؤوس الآي.
الثاني- أن يکون علي معني فريقاً كذبوا، و لم يقتلوا و فريقاً كذبوا و قتلوا فيكون يقتلون صفة الفريق.
وَ حَسِبُوا أَلاّ تَكُونَ فِتنَةٌ فَعَمُوا وَ صَمُّوا ثُمَّ تابَ اللّهُ عَلَيهِم ثُمَّ عَمُوا وَ صَمُّوا كَثِيرٌ مِنهُم وَ اللّهُ بَصِيرٌ بِما يَعمَلُونَ (71)