هذا خطاب للمؤمنين أعلمهم اللّه تعالي أن منافقي أهل الكتاب لا يحبونهم و أنهم هم يصحبون هؤلاء المنافقين بالبر و النصيحة، کما يفعله المحب، و إن المنافقين علي ضد ذلک، فأعلمهم اللّه ما يسره المنافقون في باطنهم، و ذلک من آيات النبي (ص) قال الفراء: العرب إذا جاءت إلي اسم مكني قد وصف بهذا، و هذان، و هؤلاء، فرقوا بين (ها) و بين (ذا) فجعلوا المكني منهما في جهة التقريب، لا غير يقولون:
أين أنت، فيقول القائل: هأنذا، و لا يكادون يقولون ها أنا. و مثله في التثنية و الجمع. و مثله قوله: «ها أَنتُم أُولاءِ تُحِبُّونَهُم» و ربما أعادوها فوصلوها بذا، و هذان و هؤلاء، فيقولون ها أنت هذا قائما، و ها أنتم هؤلاء. قال اللّه تعالي: «ها أَنتُم هؤُلاءِ جادَلتُم»[1] فان کان الكلام علي غير تقريب أو کان علي خبر يكتفي کل واحد منهما بصاحبه بلا فعل، و التقريب لا بد فيه من فعل لنقصانه و أحبوا أن يفرقوا بين معني التقريب، و بين معني الاسم الصحيح، قال الازهري: يحتمل أولا أن يکون منادي كأنه قال يا أولاء. و قال نحاة البصريين (ها) للتنبيه. و أنتم مبتدأ و أولاء خبره و يحبونهم حال. و قال الفراء: يحبونهم خبر.
و قال الزجاج: يجوز أن يکون أولاء بمعني الّذين و يحبونهم صلة و يکون التقدير الّذين يحبونهم. و يجوز أن يکون حالا بمعني «ها أَنتُم أُولاءِ» محبين لهم. و يکون «أنتم» مبتدأ و أولاء خبره. و يحبونهم حالا و المعني انظروا إلي أنفسكم محبين لهم و لا يجوز أن تقول: ها قومك أولاء، کما جاز «ها أَنتُم أُولاءِ»، لأن المضمر أحق ب (ها) الّتي للتنبيه، لأنه كالمبهم في عموم ما يصلح له. و ليس كذلك الظاهر.
و قال الفراء: إنما ذاك علي جهة التقريب في المضمر، و الاعتماد علي غيره في الخبر. قال الحسن بن علي المغربي أولاء يعني به المنافقين، کما تقول ما أنت زيداً يحبه، و لا يحبك. و هذا مليح غير أنه يحتاج أن يقدر عامل في أولاء ينصبه، يفسره قوله: