«يحبونهم» لأنه مشغول لا يعمل فيما قبله كقوله: «وَ القَمَرَ قَدَّرناهُ»[1] في من نصبه و أولاء للرجال، و للنساء أولات. و هو مبني علي الكسر. و کان الأصل السكون و الألف قبلها ساكنة فحرك لالتقاء الساكنين علي أصل الكسرة. و قوله:
«وَ تُؤمِنُونَ بِالكِتابِ كُلِّهِ» الكتاب واحد في موضع الجمع، لأنه أريد به الجنس، کما يقال كثر الدرهم في أيدي النّاس و يحتمل أن يکون مصدراً من قولك كتبت كتاباً. و المراد بالكتاب هاهنا كتب اللّه الّتي أنزلها علي أنبيائه و في إفراده ضرب من الإيجاز، و اشعار بالتفصيل في الاعتقاد، لأنهم يؤمنون بها في الجملة. و التفصيل من حيث يؤمنون بما أنزل علي ابراهيم، و موسي، و عيسي، و محمّد (ص) و سائر الأنبياء. و قوله: «وَ إِذا لَقُوكُم قالُوا آمَنّا» معناه إذا رأوكم قالوا صدقنا «و إذا خلوا» مع أنفسهم «عَضُّوا عَلَيكُمُ الأَنامِلَ مِنَ الغَيظِ» فالعض بالأسنان. و منه العض علف الأمصار، لأن له مضغة في العض يسمن عليها المال. و منه رجل عض: لزاز الخصم، لأنه يعض بالخصومة. و كذلك رجل عض فحاش، لأنه يعض بالفحش و الأنامل أطراف الأصابع في قول قتادة، و الربيع، و أصلها النمل المعروف، فهو مشبه به في الرقة، و التصرف بالحركة. و منه رجل نمل أي نمام، لأنه ينقل الأحاديث الكرهة كنقل النملة في الخفاء و الكثرة. و واحد الأنامل أنملة. قال الزجاج و لم يأت علي هذا المثال ما يعني به الواحد إلا شذ، فأما الجمع، فكثير نحو أفلس و أكعب و قوله: «قُل مُوتُوا بِغَيظِكُم» معناه الامر بالدعاء عليهم. و إن کان لفظه لفظ الأمر، كأنه قال قل: أماتكم اللّه بغيظكم و فيه معني الذم لهم، لأنه لا يجوز أن يدعا عليهم هذا الدعاء إلا و قد استحقوه بقبيح ما أتوه.
إِن تَمسَسكُم حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَ إِن تُصِبكُم سَيِّئَةٌ يَفرَحُوا بِها وَ إِن تَصبِرُوا وَ تَتَّقُوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئاً إِنَّ اللّهَ بِما يَعمَلُونَ مُحِيطٌ (120)