علي حال الخطاء! و علي حال الرشاد أم الغي، فعلي أي حال تحكمون في الأحوال الّتي تدعون إلي الفعل أحال الباطل أم حال الحق! و قوله (أَم لَكُم كِتابٌ فِيهِ تَدرُسُونَ) معناه أ لكم كتاب تدرسون فيه خلاف ما قد قامت عليكم الحجة به فأنتم متمسكون به و لا تلتفتون إلي خلافه!؟ و ليس الأمر علي ذلک فإذ قد عدمتم الثقة بما أنتم عليه، و في هذا عليكم أكبر الحجة و أوكد الموعظة، لأن الكتاب ألذي تقوم به الحجة حتي لا يجوز خلافه إلي أن تقوم الساعة هو ألذي تشهد له المعجزة من غير اجازة نسخ له في حال ثانية، و هو القرآن ألذي فيه معني الاعجاز من غير نسخ له فيما بعد في باقي الزمان.
و قوله (إِنَّ لَكُم فِيهِ لَما تَخَيَّرُونَ) يحتمل أمرين:
أحدهما- أن يکون تقديره أم لكم كتاب فيه تدرسون بأن لكم ما تخيرون إلا انه حذفت الباء و كسرت (إن) لدخول اللام في الخبر.
الثاني- أن يکون ذلک خرج مخرج التوبيخ، و تقديره و إن لكم لما تخيرون عند أنفسكم، و الأمر بخلاف ظنكم، لأنه لا يجوز ان يکون ذلک خبراً مطلقاً.
و قوله (أَم لَكُم أَيمانٌ عَلَينا بالِغَةٌ إِلي يَومِ القِيامَةِ إِنَّ لَكُم لَما تَحكُمُونَ) كسرت (إن) لدخول اللام في الخبر، و الحكم خبر بمعني يفصل الأمر علي جهة القهر و المنع و أصله المنع من قول الشاعر:
ابني حنيفة احكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم ان اغضبا[1]
أي امنعوهم. و منه الحكمة، لأنها معرفة تمنع الفساد لصرفها عنه بما يذم به.
و الحكمة في الفعل المنعة من الفساد منه، و منه حكمة الدابة لمنعها إياها من الفساد.
و قوله (سَلهُم أَيُّهُم بِذلِكَ زَعِيمٌ) قال إبن عباس و قتادة: زعيم أي كفيل