قرأ نصوحاً بضم النون حماد و يحيي الباقون بفتحها، و هما لغتان.
و قال قوم: من فتح النون جعله نعتاً للتوبة و حمله علي الكثرة. و من ضمه جعله مصدراً هذا خطاب من الله تعالي للمؤمنين الّذين صدقوا بتوحيد الله و اخلاص العبادة له و أقروا بنبوة نبيه صلي اللّه عليه و آله يأمرهم بأن يقوا أنفسهم أي يمنعونها، و يمنعون أهليهم ناراً، و إنما يمنعون نفوسهم بأن يعملوا الطاعات، و يمنعون أهليهم بأن يدعوهم اليها و يحثوهم علي فعلها، و ذلک يقتضي أن الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ينبغي ان يکون للأقرب فالأقرب. و قال مجاهد و قتادة: معني «قُوا أَنفُسَكُم وَ أَهلِيكُم ناراً» مروهم بطاعة الله و انهوهم عن معصيته.
ثم وصف تعالي النار الّتي حذرهم منها فقال «وَقُودُهَا النّاسُ وَ الحِجارَةُ» قيل حطب تلك النار النّاس و الحجارة كوقود الكبريت و هو أشد ما يکون من العذاب «عَلَيها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ» في الأخلاق و إن كانوا رفاق الأجسام، لان الظاهر من حال الملك انه روحاني فخروجه عن الروحانية كخروجه عن صورة الملائكة «شِدادٌ» في القوي «لا يَعصُونَ اللّهَ ما أَمَرَهُم» به. و في ذلک دلالة علي ان الملائكة المؤكلين بالنار و بعقاب العصاة معصومون عن فعل القبيح لا يخالفون الله في أمره و يمتثلون کل ما يأمرهم به، و عمومه يقتضي انهم لا يعصونه في صغيرة و لا كبيرة. و قال الرماني: لا يجوز أن يعصي الملك في صغيرة و لا كبيرة لتمسكه بما يدعو اليه العقل دون الطبع. و کل من تمسك بما يدعو اليه العقل دون الطبع، فانه لا يقع