- هاهنا- إلا ملك، لأن صفة ملك تدل علي تدبير من يشعر بالتدبير، و ليس كذلك مالك، لأنه يجوز أن يقال: مالك الثوب، و لا يجوز ملك الثوب، و يجوز أن يقال:
ملك الروم، و لا يجوز مالك الروم، فجرت- في فاتحة الكتاب- علي معني الملك في يوم الجزاء، و مالك الجزاء، و جرت في سورة النّاس علي (ملك) تدبير من يعقل التدبير، فكأن هذا أحسن و أولي.
و قوله «إِلهِ النّاسِ» معناه أنه ألذي يجب علي النّاس أن يعبدوه، لأنه ألذي تحق له العبادة دون غيره «مِن شَرِّ الوَسواسِ» حديث النفس بما هو كالصوت الخفي و أصله الصوت الخفي من قول الأعشي:
تسمع للحلي وسواساً إذا انصرفت کما استعان بريح عشرق زجل[1]
و قال روبة:
وسوس يدعو مخلصاً رب الفلق سراً و قد أوّن تأوين العقق[2]
و الوسوسة كالهمهمة و منه قولهم: فلان موسوس إذا غلبت عليه الوسوسة لما يعتريه من المرة. وسوس يوسوس وسواساً و وسوسة و توسوس توسوساً. و في معني قوله «مِن شَرِّ الوَسواسِ» ثلاثة أقوال:
أحدها- من شر الوسوسة الّتي تكون من الجنة و النّاس، فأمر بالتعوذ من شر الجن و الانس.
الثاني- من شر ذي الوسواس و هو الشيطان، کما قال في الأثر: انه يوسوس فإذا ذكر العبد ربه خنس، فيكون قوله «مِنَ الجِنَّةِ وَ النّاسِ» بيان انه منهم، کما قال «إِلّا إِبلِيسَ كانَ مِنَ الجِنِّ»[3] فأما «و النّاس» فعطف عليه كأنه قيل من الشيطان