اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 10 صفحة : 373
قيل: ليس يمنع أن يکون اللّه أخبره بأن ذلک سيكون فيما بعد ليبشره به و يسليه عما هو عليه فجاء بلفظ الماضي و أراد الاستقبال، کما قال (وَ نادي أَصحابُ الجَنَّةِ أَصحابَ النّارِ)[1] و کما قال (وَ نادَوا يا مالِكُ لِيَقضِ عَلَينا رَبُّكَ)[2] و الوزر الثقل في اللغة، و منه اشتق اسم الوزير لتحمله أثقال الملك. و إنما سميت الذنوب أوزاراً لما فيها من العقاب العظيم.
و قوله (الَّذِي أَنقَضَ ظَهرَكَ) نعت للوزر، و وصفه بأنه انقض ظهره بمعني أثقله، و الانقاض الأثقال ألذي ينتقض به ما حمل عليه، أنقض ينقض انقاضاً و النقض و الهدم واحد، و نقض المذهب إبطاله بما يفسده. و قال الحسن و مجاهد و قتادة و إبن زيد: معني انقض أثقل، و بعير نقض سفر إذا أثقله السفر.
و قوله (وَ رَفَعنا لَكَ ذِكرَكَ) قال الحسن و مجاهد و قتادة: معناه إني لا اذكر إلا ذكرت معي يعني ب (لا إله إلا اللّه محمّد رسول اللّه صلي الله عليه و آله).
و قوله (فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسراً) يدل علي أن التأويل في قوله (وَ وَضَعنا عَنكَ وِزرَكَ) ما قلناه، لأن اللّه بشره أنه يکون مع العسر يسراً و روي عن إبن عباس أنه قال: لن يغلب عسر واحد يسرين، لأنه حمل العسر في الآيتين علي انه واحد لكونها بالألف و اللام، و اليسر منكر في تثنية الفائدة، و الثاني غير الاول، و العسر صعوبة الامر و شدته، و اليسر سهولته.
ثم قال له (فَإِذا فَرَغتَ فَانصَب) قال إبن عباس: معناه فإذا فرغت من فرضك فانصب الي ما رغبك الله فيه من العمل. و قال قتادة: معناه فإذا فرغت من صلاتك فانصب الي ربك في الدعاء. و قال مجاهد: معناه فإذا فرغت من أمر دنياك فانصب الي عبادة ربك. و معني (فَانصَب) ناصب يقال: ناله هم ناصب أي ذو