responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 332

ذكر‌-‌ هاهنا‌-‌ ‌أنه‌ يتجنبها ‌ أي ‌ يتجنب‌ الذكري‌ الأشقي‌، فالتجنب‌ المصير ‌في‌ جانب‌ ‌عن‌ الشي‌ء ‌بما‌ ينافي‌ كونه‌، فهذا الشقي‌ تجنب‌ الذكري‌ بأن‌ صار بمعزل‌ عنها ‌بما‌ ينافي‌ كونها، فالشقوة حالة تؤدي‌ ‌إلي‌ شدة العقاب‌ و نقيضها السعادة، شقي‌ يشقي‌ شقوة و شقاء و أشقاه‌ اللّه‌ يشقيه‌ اشقاء عاقبه‌ عقاباً بكفره‌ و سوء عمله‌.

‌ثم‌ ‌بين‌ ‌أن‌ ‌هذا‌ الشقي‌ ‌هو‌ «الَّذِي‌ يَصلَي‌ النّارَ الكُبري‌» يعني‌ نار جهنم‌، و وصفها بالكبري‌ لان‌ الحاجة ‌إلي‌ اتقائها أشد و ‌ذلک‌ ‌من‌ كبر الشأن‌ إذ الكبير الشأن‌ ‌هو‌ المختص‌ بشدة الحاجة اليه‌ أولي‌ باتقائه‌، فكلما ‌کان‌ اكبر شأناً فالحاجة اليه‌ أشد. و ‌قال‌ الحسن‌: النار الكبري‌ نار جهنم‌، و النار الصغري‌ نار الدنيا، و ‌قال‌ الفراء: النار الكبري‌ ‌الّتي‌ ‌في‌ الطبقة السفلي‌ ‌من‌ جهنم‌.

و ‌قوله‌ «ثُم‌َّ لا يَمُوت‌ُ فِيها وَ لا يَحيي‌» معناه‌ ‌إن‌ ‌هذا‌ الشقي‌ ‌لا‌ يموت‌ ‌في‌ النار فيتخلص‌ ‌من‌ العذاب‌، و ‌لا‌ يحيي‌ حياة ‌له‌ ‌فيها‌ لذة، بل‌ ‌هو‌ ‌في‌ ألوان‌ العذاب‌ و فنون‌ العقاب‌. و ‌قيل‌: ‌لا‌ يجد روح‌ الحياة. و ‌قوله‌ «قَد أَفلَح‌َ مَن‌ تَزَكّي‌» معناه‌ ‌قد‌ فاز ‌من‌ تزكي‌ يعني‌ صار زاكياً بأن‌ عمل‌ الطاعات‌-‌ ‌في‌ قول‌ ‌إبن‌ عباس‌ و الحسن‌-‌ و ‌قال‌ ابو الأحوص‌ و قتادة: يعني‌ ‌من‌ زكي‌ ماله‌ «وَ ذَكَرَ اسم‌َ رَبِّه‌ِ» ‌علي‌ ‌کل‌ حال‌ «فَصَلّي‌» ‌علي‌ ‌ما أمره‌ اللّه‌ ‌به‌. ‌ثم‌ خاطب‌ الخلق‌ ‌فقال‌ «بَل‌ تُؤثِرُون‌َ الحَياةَ الدُّنيا» ‌ أي ‌ تختارون‌ الحياة الدنيا ‌علي‌ الآخرة بأن‌ تعملوا للدنيا و ‌لا‌ تعملوا للاخرة، و ‌ذلک‌ ‌علي‌ وجهين‌:

أحدهما‌-‌ يجوز للرخصة. و الآخر‌-‌ محظور معصية للّه‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ ‌تعالي‌ «وَ الآخِرَةُ خَيرٌ وَ أَبقي‌» ‌ أي ‌ منافع‌ الآخرة ‌من‌ الثواب‌ و غيره‌ خير ‌من‌ منافع‌ الدنيا و أبقي‌، لأنها باقية و ‌هذه‌ فانية منقطعة.

و ‌قوله‌ «إِن‌َّ هذا لَفِي‌ الصُّحُف‌ِ الأُولي‌ صُحُف‌ِ إِبراهِيم‌َ وَ مُوسي‌» يعني‌ ‌ما ذكره‌ اللّه‌ و فصله‌ ‌من‌ حكم‌ المؤمن‌ و الكافر و ‌ما أعد اللّه‌ لكل‌ واحد ‌من‌ الفريقين‌ مذكور ‌في‌

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 332
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست