قيل إن هذه الآية نزلت في جماعة من كفار قريش كانوا يعيرون جماعة من المسلمين الّذين سبقوا إلي الايمان، و يهزءون منهم، فقال اللّه تعالي مخبراً بأن المجرمين كانوا من الّذين آمنوا باللّه و وحدوه و أخلصوا له العبادة و صدقوا أنبياءه (يضحكون) علي وجه الاستهزاء بهم و السخرية منهم «وَ إِذا مَرُّوا بِهِم» يعني إذا مر بهم المؤمنون و جازوا عليهم غمز بعضهم بعضاً عليهم علي وجه التعجب منهم و السخرية «وَ إِذَا انقَلَبُوا إِلي أَهلِهِمُ» يعني الكفار إذا انقلبوا إلي أهلهم و أصحابهم «انقَلَبُوا فَكِهِينَ» أي لاهين. و من قرأ «فكهين» أراد مرحين «معجبين» بحالهم «وَ إِذا رَأَوهُم» يعني الكفار إذا رأوا المؤمنين في دار الدنيا «قالُوا» يعني بعضهم لبعض «إِنَّ هؤُلاءِ» و أشاروا به إلي المؤمنين «لَضالُّونَ» عن طريق الحق و عادلون عن الاستقامة، فقال اللّه تعالي «وَ ما أُرسِلُوا عَلَيهِم حافِظِينَ» أي لم يرسل هؤلاء الكفار حافظين علي المؤمنين، فيحفظون ما هم عليهم، و المراد بذلك الذم لهم بعيب المؤمنين بالضلال من غير أن كلفوا منعهم من المراد و أن ينطقوا في ذلک بالصواب، فضلوا بالخطإ في نسبهم إياهم إلي الضلال، فكانوا ألوم منهم لو أخطئوا فيه، و قد كلفوا الاجتهاد.
ثم قال «فَاليَومَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الكُفّارِ يَضحَكُونَ» معناه إن يوم القيامة ألذي يجازي اللّه تعالي کل احد علي عمله فيجازي المؤمن بالثواب و النعيم، و يجازي الكافر بالعذاب و الجحيم، ففي ذلک اليوم يضحك المؤمنون من الكفار، کما کان الكفار يضحكون من المؤمنين في الدنيا، و قيل الوجه في ضحك أهل الجنة من أهل النار أنهم لما كانوا أعداء اللّه تعالي و أعداءهم جعل لهم سروراً في تعذيبهم و لو کان العفو قد وقع عنهم لم يجز أن يجعل السرور في ذلک، لأنه مضمن بالعداوة