من العقاب، و إنه صلي اللّه عليه و آله کان يدعي الأمين قبل البعث، فالأمين هو الحقيق بأن يؤتمن من حيث لا يخون، و لا يقول الزور، و يعمل بالحق في الأمور.
ثم خاطب تعالي جماعة الكفار فقال (وَ ما صاحِبُكُم بِمَجنُونٍ) أي ليس صاحبكم ألذي يدعوكم إلي اللّه و إخلاص عبادته بمؤف العقل علي ما ترمونه به من الجنون.
و المجنون المغطي علي عقله حتي لا يدرك الأمور علي ما هي به للافة الغامرة له، فبغمور الآفة يتميز من النائم، لان النوم ليس بآفة و لا عاهة.
و قوله (وَ لَقَد رَآهُ بِالأُفُقِ المُبِينِ) معناه إن النبي صلي اللّه عليه و آله رأي جبرائيل عليه السلام علي صورته الّتي خلقه اللّه عليها بالأفق المبين، فالافق ناحية من السماء يقال: هو كالنجم في الأفق، و فلان ينظر في أفق السماء. و قوله (مبين) أي هو ظاهر انه في أفاق السماء من غير تخيل لا يرجع إلي يقين. و قال الحسن و قتادة: الأفق المبين حيث تطلع الشمس. و قوله (وَ ما هُوَ عَلَي الغَيبِ بِضَنِينٍ) قال إبن عباس و سعيد بن جبير و ابراهيم و الضحاك: معناه ليس علي وحي اللّه و ما يخبر به من الاخبار بمتهم أي ليس ممن ينبغي أن يظن به الريبة، لان أحواله ناطقة بالصدق و الامانة. و من قرأ بالضاد معناه ليس ببخيل علي الغيب.
و قوله (وَ ما هُوَ بِقَولِ شَيطانٍ رَجِيمٍ) معناه أنه ليس هذا القرآن قولا لشيطان رجيم، قال الحسن: معناه رجمه اللّه باللعنة. و قيل رجيم بالشهب طرداً من السماء، فهو (فعيل) بمعني (مفعول). و قوله (فَأَينَ تَذهَبُونَ) معناه أين تذهبون عن الحق ألذي قد ظهر أمره و بدت أعلامه الي الضلال ألذي فيه البوار و الهلاك، و هو استبطاء لهم في القعود عن النبي صلي اللّه عليه و آله، و العمل بما يوجبه القرآن، فالذهاب هو المصير عن شيء الي شيء بالنفوذ في الأمر. قال بعض بني عقيل: