عشر آيات.
لما ذكر اللّه تعالي الكفار و ما أعدّ لهم من ضروب العقاب و انواع العذاب ترهيباً و تزهيداً في مثله، ذكر المؤمنين المتقين للمعاصي و بين ما أعده لهم من أنواع النعيم و ضروب اللذات، فقال «إِنَّ المُتَّقِينَ» و معناه الّذين اتقوا عقاب اللّه باجتناب معاصيه و طلبوا ثوابه بفعل طاعاته «فِي ظِلالٍ» و هو جمع ظل، و هو الحجاب العالي المانع من کل أذي، فلأهل الجنة حجاب من کل أذي لان هواء الجنة مناف لكل أذي، فهم من طيبه علي خلاصة. و قيل في ظلال من قصور الجنة و أشجارها «وَ عُيُونٍ» و هي ينابيع الماء الّتي تجري في ظل الأشجار. و قيل: ان تلك العيون جارية في غير أخدود، لأن ذلک أمتع بما يري من حسنه و صفائه علي كنهه من غير ملابسة شيء له، و ليس هناك شيء إلا علي أحسن صفاته، لان اللّه تعالي قد شوق اليه أشد التشويق و رغب فيه أتم الترغيب «وَ فَواكِهَ» و هي جمع فاكهة، و هي ثمار الأشجار الّتي من شأنها أن تؤكل، و قد يکون من الثمر ما ليس كذلك كالثمر المر، فانه ليس من الفاكهة.
و قوله «مِمّا يَشتَهُونَ» يعني لهم فاكهة من جنس ما يشتهونه.
ثم قال تعالي «كُلُوا وَ اشرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنتُم تَعمَلُونَ» صورته صورة الأمر و المراد به الاباحة. و قال قوم: هو أمر علي الحقيقة، لان اللّه تعالي يريد منهم الأكل و الشرب في الجنة، و إنهم إذا علموا ذلک زاد في سرورهم، فلا تكون إرادته لذلك عبثاً، و الهنيء هو ألذي لا أذي فيه فيما بعد. و قيل: الهنيء النفع الخالص من شائب الأذي، و الشهوة معني في القلب إذا صادفت المشتهي کان لذة، و ضده النفار إذا