و الكائن أن الواقع لا يکون إلا حادثاً تشبيهاً بالحائط الواقع، لأنه من أبين الأشياء في الحدوث، و الكائن أعم منه لأنه بمنزلة الموجود الثابت يکون حادثاً و غير حادث.
و قوله «فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَت» معناه محيت آثارها و ذهب نورها. و الطمس محو الأثر الدال علي الشيء فالطمس علي النجوم كالطمس علي الكتاب، لأنه يذهب نورها و العلامات الّتي كانت تعرف بها (وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَت) أي شققت و صدعت (وَ إِذَا الجِبالُ نُسِفَت) نسف الجبال إذهابها حتي لا يبقي لها في الإرض أثر، و النسف تحريك الشيء بما يخرج ترابه و ما اختلط به مما ليس منه، و منه سمي المنسف و نسف الحبوب كلها تجري علي هذا الوجه، و قوله «نُسِفَت» من قولهم: أنسفت الشيء إذا أخذته بسرعة.
و قوله (وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَت) أي أعلمت وقت الثواب و وقت العقاب، فالتوقيت تقدير الوقت لوقوع الفعل، و لما كانت الرسل عليهم السلام قد قدر إرسالها لاوقات معلومة بحسب صلاح العباد فيها كانت قد وقتت لتلك الأوقات بمعني أعلمت وقت الثواب و وقت العقاب. و قال مجاهد و ابراهيم و إبن زيد: أقتت بالاجتماع لوقتها يوم القيامة قال تعالي (يَومَ يَجمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ)[1] و المواقيت الآجال و مثله (يَسئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُل هِيَ مَواقِيتُ لِلنّاسِ وَ الحَجِّ)[2] و قيل: معني اقتت أجلت لوقت ثوابها، و هو يوم الفصل. و قيل: معناه أجلت فيما بينها و بين أمتها (لِيَومِ الفَصلِ) ثم بين تعالي فقال (لِأَيِّ يَومٍ أُجِّلَت) أي أخرت إلي اجل فالتأجيل التأخير الي أجل، فالرسل قد أجلت بموعودها الي يوم الفصل، و هو يوم القيامة و سمي يوم الفصل، لأنه يفصل فيه بين حال المهتدي و الضال بما يعلم اللّه لأحدهما من