responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 19

خلق‌ العقلاء تعريضاً ‌لهم‌ للثواب‌ العظيم‌، و ‌ما عداهم‌ خلق‌ تبعاً ‌لهم‌ ‌لما‌ ‌فيه‌ ‌من‌ اللطف‌. و ‌هذا‌ الغرض‌ ‌لا‌ يتأتي‌ ‌إلا‌ ‌علي‌ مذهب‌ العدل‌، و أما ‌علي‌ مذهب‌ الجبر ‌فلا‌.

«وَ صَوَّرَكُم‌» متوجه‌ ‌الي‌ البشر كلهم‌ «فَأَحسَن‌َ صُوَرَكُم‌» معناه‌ ‌من‌ الحسن‌ ‌ألذي‌ يقتضيه‌ العقل‌ ‌لا‌ ‌في‌ قبول‌ الطبع‌ ‌له‌ عند رؤيته‌، لان‌ فيهم‌ ‌من‌ ليس‌ بهذه‌ الصفة. و ‌قال‌ قوم‌: ‌لا‌ بل‌ ‌هو‌ ‌من‌ تقبل‌ الطبع‌ لأنه‌ ‌إذا‌ ‌قيل‌: حسن‌ الصورة ‌لا‌ يفهم‌ ‌منه‌ ‌إلا‌ تقبل‌ الطبع‌، و سبيله‌ كسيل‌ ‌قوله‌ «لَقَد خَلَقنَا الإِنسان‌َ فِي‌ أَحسَن‌ِ تَقوِيم‌ٍ»[1] و ‌إن‌ ‌کان‌ فيهم‌ المشوه‌ الخلق‌ لأن‌ ‌هذا‌ عارض‌ ‌لا‌ يعتد ‌به‌ ‌في‌ ‌هذا‌ الوصف‌، و اللّه‌ ‌تعالي‌ خلق‌ الإنسان‌ ‌علي‌ أحسن‌ صورة الحيوان‌ كله‌. و الصورة عبارة ‌عن‌ بنية مخصوصة كصورة الإنسان‌ و الفرس‌ و الطير و ‌ما أشبه‌ ‌ذلک‌.

‌ثم‌ ‌قال‌ «وَ إِلَيه‌ِ المَصِيرُ» يعني‌ اليه‌ المرجع‌ يوم القيامة و اليه‌ المآل‌. ‌ثم‌ ‌قال‌ «يَعلَم‌ُ» يعني‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ بعلم‌ «ما فِي‌ السَّماوات‌ِ وَ الأَرض‌ِ» ‌من‌ الموجودات‌ «وَ يَعلَم‌ُ ما تُسِرُّون‌َ وَ ما تُعلِنُون‌َ» ‌ أي ‌ ‌ما تظهرونه‌ و ‌ما تخفونه‌. و ‌قيل‌: ‌ما يسره‌ بعضكم‌ ‌إلي‌ بعض‌ و ‌ما تخفوه‌ ‌في‌ صدوركم‌ ‌عن‌ غيركم‌. و الفرق‌ ‌بين‌ الاسرار و الإخفاء ‌أن‌ الإخفاء أعم‌ لأنه‌ ‌قد‌ يخفي‌ شخصه‌ و ‌قد‌ يخفي‌ المعني‌ ‌في‌ نفسه‌ و الاسرار و المعني‌ دون‌ الشخص‌ «وَ اللّه‌ُ عَلِيم‌ٌ بِذات‌ِ الصُّدُورِ» معناه‌ و ‌هو‌ عالم‌ باسرار الصدور و بواطنها.

‌ثم‌ خاطب‌ نبيه‌ ‌صلي‌ ‌الله‌ ‌عليه‌ و آله‌ و المؤمنين‌ ‌فقال‌ «أَ لَم‌ يَأتِكُم‌ نَبَأُ الَّذِين‌َ كَفَرُوا مِن‌ قَبل‌ُ» يعني‌ ‌من‌ قبل‌ هؤلاء الكفار «فَذاقُوا وَبال‌َ أَمرِهِم‌» ‌ أي ‌ ‌بما‌ سلطه‌ اللّه‌ ‌عليهم‌ بأن‌ أهلكهم‌ اللّه‌ عاجلا و استأصلهم‌ «وَ لَهُم‌ عَذاب‌ٌ أَلِيم‌ٌ» ‌ أي ‌ مؤلم‌ يوم القيامة.

‌قوله‌ ‌تعالي‌: [‌سورة‌ التغابن‌ (64): الآيات‌ 6 ‌الي‌ 10]

ذلِك‌َ بِأَنَّه‌ُ كانَت‌ تَأتِيهِم‌ رُسُلُهُم‌ بِالبَيِّنات‌ِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ يَهدُونَنا فَكَفَرُوا وَ تَوَلَّوا وَ استَغنَي‌ اللّه‌ُ وَ اللّه‌ُ غَنِي‌ٌّ حَمِيدٌ (6) زَعَم‌َ الَّذِين‌َ كَفَرُوا أَن‌ لَن‌ يُبعَثُوا قُل‌ بَلي‌ وَ رَبِّي‌ لَتُبعَثُن‌َّ ثُم‌َّ لَتُنَبَّؤُن‌َّ بِما عَمِلتُم‌ وَ ذلِك‌َ عَلَي‌ اللّه‌ِ يَسِيرٌ (7) فَآمِنُوا بِاللّه‌ِ وَ رَسُولِه‌ِ وَ النُّورِ الَّذِي‌ أَنزَلنا وَ اللّه‌ُ بِما تَعمَلُون‌َ خَبِيرٌ (8) يَوم‌َ يَجمَعُكُم‌ لِيَوم‌ِ الجَمع‌ِ ذلِك‌َ يَوم‌ُ التَّغابُن‌ِ وَ مَن‌ يُؤمِن‌ بِاللّه‌ِ وَ يَعمَل‌ صالِحاً يُكَفِّر عَنه‌ُ سَيِّئاتِه‌ِ وَ يُدخِله‌ُ جَنّات‌ٍ تَجرِي‌ مِن‌ تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدِين‌َ فِيها أَبَداً ذلِك‌َ الفَوزُ العَظِيم‌ُ (9) وَ الَّذِين‌َ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِك‌َ أَصحاب‌ُ النّارِ خالِدِين‌َ فِيها وَ بِئس‌َ المَصِيرُ (10)


[1] ‌سورة‌ 95 التين‌ آية 4
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 19
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست