اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي الجزء : 10 صفحة : 180
فكر و قدر إلي ان قال: هذا القرآن سحر مأثور، و هو قول البشر، قال اللّه تعالي مهدداً له و متوعداً «سَأُصلِيهِ سَقَرَ» أي ألزمه جهنم، و الاصلاء إلزام موضع النار أصلاه يصليه إصلاء و اصطلي فهو يصطلي اصطلاء، و صلاه يصليه، و أصله اللزوم.
و سقر اسم من اسماء جهنم، و لم يصرف للتعريف و التأنيث و أصله من سقرته الشمس تستقره سقراً إذا آلمت دماغه. و قد سميت النار سقر لشدة إيلامها، و منه الصقر بالسين و الصاد، لأن شدته في نفسه كشدة الألم في أذي صيده.
و قوله «وَ ما أَدراكَ ما سَقَرُ» إعظاماً للنار و تهويلا لها أي و لم يعلمك اللّه سقر علي كنهها و صفتها، ثم وصف بعض صفاتها فقال «لا تُبقِي وَ لا تَذَرُ» و قال مجاهد: معناه لا تبقي من فيها حياً، و لا تذره ميتاً. و قال غيره: لا تبقي احداً من أهلها إلا تناولته، و لا تذره من العذاب. و الإبقاء ترك شيء مما أخذ، يقال أبقي شيئاً يبقيه إبقاء، و أبقاه اللّه أي أطال مدّته. و الباقي هو المستمر الوجود.
و قوله «لَوّاحَةٌ لِلبَشَرِ» أي مغيرة لجلد الإنسان ألذي هو البشرة- في قول مجاهد- و قال المؤرج: لواحة بمعني حرّاقة، و به قال الفراء. و قال غيرهما: معناه تلوح لجميع الخلق حتي يروها، کما قال «وَ بُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِمَن يَري»[1] لأنه لا يجوز أن يصفها بأنها تسودّ البشرة مع قوله «إنها لا تُبقِي وَ لا تَذَرُ» و التلويح تغير اللون إلي الأحمر و التلويح بالنار تغير بشرة أهلها إلي الاحمرار، يقال: لوحته الشمس تلوحه تلويحا فهي لواحة علي المبالغة في كثرة التلويح، و البشر جمع بشرة، و هي ظاهر الجلدة، و منه سمي الإنسان بشراً، لأنه ظاهر الجلدة، بتعريه من الوبر و الريش و الشعر ألذي يکون في غيره من الحيوان في غالب أمره.
و قوله «عَلَيها تِسعَةَ عَشَرَ» أي علي سقر تسعة عشر من الملائكة. و إنما خص بهذه العدة لتوافق صحة الخبر لما جاء به الأنبياء قبله صلي اللّه عليه و آله، و يکون في