يقال غص بريقه يغص غصصاً، و في قلبه غصة من كذا، و هي كاللذغة الّتي لا يسيغ معها الطعام و لا الشراب.
و قوله (إِنّا أَرسَلنا إِلَيكُم رَسُولًا شاهِداً عَلَيكُم) اخبار من اللّه تعالي و خطاب للمكلفين في عصر النبي صلي اللّه عليه و آله و من بعده بأنه أرسل اليهم رسولا يدعوهم إلي عبادته و إخلاص توحيده (شاهِداً عَلَيكُم) بقبولهم إن قبلوا و عليهم إن لم يقبلوا (كَما أَرسَلنا) أي أرسلناه إليكم مثل ما أرسلنا (إِلي فِرعَونَ رَسُولًا) يعني موسي إبن عمران عليه السلام. ثم اخبر عن فرعون فقال (فَعَصي فِرعَونُ الرَّسُولَ) يعني موسي، فلم يقبل منه ما أمره به و دعاه اليه (فَأَخَذناهُ أَخذاً وَبِيلًا) أي اخذاً ثقيلًا شديداً عقوبة له علي عصيانه موسي رسول اللّه، و کل ثقيل وبيل، و منه: كلأ مستوبل أي متوخم لا يستمرء لثقله، و منه الوبل، و الوابل، و هو المطر العظيم القطر، و منه الوبال و هو ما يغلظ علي النفس و أصله الغلظ قال طرفة:
فمرت كهاة ذات خيف جلالة عقيلة شيخ كالوبيل يلندد[1]
الوبيل- هاهنا- الغليظ من العصي و (كهاة) ناقة مسنة و (الخيف) جلد الضرع و (يلندد) شديد الخصومة.
قوله (فَكَيفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرتُم يَوماً يَجعَلُ الوِلدانَ شِيباً) أي إن كفرتم باللّه و جحدتم نعمه، و كذبتم رسوله، و إنما يجعل الولدان، و هم الأولاد الصغار شيباً لشدته، و عظم أهواله، کما يقال: قد حدث أمر تشيب منه النواصي. و قيل:
(يَوماً يَجعَلُ الوِلدانَ شِيباً) علي وجه المثل، و الشيب جمع أشيب، يقال: شاب الإنسان يشيب شيباً إذا ابيض شعره. ثم زاد في صفة شدة ذلک اليوم أيضاً فقال (السَّماءُ مُنفَطِرٌ بِهِ) أي متصدع بشدة ذلک اليوم، و إنما لم يقل منفطرة، لأنه جري