responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 135

‌لما‌ حكي‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ ‌عن‌ نوح‌ ‌أنه‌ ‌قال‌ ‌ يا ‌ رب‌ اني‌ دعوت‌ قومي‌ ‌الي‌ طاعتك‌ ليلا و نهاراً فلم‌ يزدادوا عند دعائي‌ ‌إلا‌ بعداً ‌عن‌ القبول‌ ‌قال‌ «وَ إِنِّي‌ كُلَّما دَعَوتُهُم‌» ‌إلي‌ اخلاص‌ عبادتك‌ «لِتَغفِرَ لَهُم‌» معاصيهم‌ جزاء ‌علي‌ ‌ذلک‌ «جَعَلُوا أَصابِعَهُم‌ فِي‌ آذانِهِم‌» لئلا يسمعوا كلامي‌ و دعائي‌ «وَ استَغشَوا ثِيابَهُم‌» ‌ أي ‌ طلبوا ‌ما يستترون‌ ‌به‌ ‌من‌ الثياب‌ و يختفون‌ ‌به‌ لئلا يرونه‌. و ‌قال‌ الزجاج‌: معناه‌ إنهم‌ كانوا يسدون‌ آذانهم‌ و يغطون‌ وجوههم‌ لئلا يسمعوا كلامه‌. فالاستغشاء طلب‌ الغشي‌، فلما طلبوا التغشي‌ بثيابهم‌ فراراً ‌من‌ الداعي‌ ‌لهم‌، كانوا ‌قد‌ استغشوا «و أصروا» ‌ أي ‌ أقاموا ‌علي‌ كفرهم‌ و معاصيهم‌ عازمين‌ ‌علي‌ فعل‌ مثله‌، فالإصرار الاقامة ‌علي‌ الأمر بالعزيمة ‌عليه‌ فلما كانوا مقيمين‌ ‌علي‌ الكفر بالعزم‌ ‌عليه‌ كانوا مصرّين‌. و ‌قيل‌ ‌إن‌ الرجل‌ منهم‌ ‌کان‌ يذهب‌ بابنه‌ ‌إلي‌ نوح‌، فيقول‌ لابنه‌: احذر ‌هذا‌ ‌لا‌ يغوينك‌، فان‌ أبي ‌قد‌ ذهب‌ بي‌ اليه‌ و أنا مثلك‌، فحذرني‌ ‌کما‌ حذرتك‌، ذكره‌ قتادة. و ‌قوله‌ «وَ استَكبَرُوا استِكباراً» ‌ أي ‌ طلبوا بامتناعهم‌ ‌من‌ القبول‌ مني‌ و اخلاص‌ عبادتك‌ تجبراً ‌في‌ ‌الإرض‌ و علواً ‌فيها‌.

‌ثم‌ حكي‌ ‌أنه‌ ‌قال‌ «ثُم‌َّ إِنِّي‌ دَعَوتُهُم‌ جِهاراً» ‌ أي ‌ اعلاناً «ثُم‌َّ إِنِّي‌ أَعلَنت‌ُ لَهُم‌» ‌ أي ‌ أظهرت‌ الدعاء ‌لهم‌ ‌الي‌ عبادتك‌ تارة «وَ أَسرَرت‌ُ لَهُم‌» ‌ أي ‌ و أخفيت‌ ‌لهم‌ الدعاء ‌الي‌ مثل‌ ‌ذلک‌ كرة أخري‌ «فَقُلت‌ُ» ‌لهم‌ «استَغفِرُوا رَبَّكُم‌» ‌ أي ‌ اطلبوا المغفرة ‌علي‌ كفركم‌ و معاصيكم‌ ‌من‌ اللّه‌ ‌تعالي‌ «إِنَّه‌ُ كان‌َ غَفّاراً» لكل‌ ‌من‌ طلب‌ ‌منه‌ المغفرة و يغفر فيما ‌بعد‌ لمن‌ يطلب‌ ‌منه‌ ‌ذلک‌ و متي‌ فعلتم‌ ‌ذلک‌ و اطعمتموه‌ و رجعتم‌ ‌عن‌ كفركم‌ و معاصيكم‌ «يُرسِل‌ِ» اللّه‌ ‌تعالي‌ «السَّماءَ عَلَيكُم‌ مِدراراً» ‌ أي ‌ كثيرة الدرور بالغيث‌ و المطر، و ‌قيل‌: إنهم‌ كانوا قحطوا و أجدبوا و هلكت‌ أولادهم‌ و مواشيهم‌، فلذلك‌ رغبهم‌ ‌في‌ ترك‌ ‌ذلک‌ بالرجوع‌ ‌الي‌ اللّه‌، و الدرور تجلب‌ الشي‌ء حالا ‌بعد‌ حال‌ ‌علي‌ الاتصال‌ يقال‌: درّ درّاً و دروراً فهو دار، و المطر الكثير الدّرور مدراراً. و ‌قيل‌:

اسم الکتاب : تفسير التبيان المؤلف : الشيخ الطوسي    الجزء : 10  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست