( كائن لا عن حدث ، موجود لا عن عدم ) الكائنات حادثة أي لم تكن ثم كانت ، و لكن اللّه كائن لا كسائر الكائنات أي غير مسبوق بالحدوث ،
و كذلك الموجودات لم تكن ثم وجدت فهي مسبوقة بالعدم ، لكن اللّه تعالى موجود ما سبقه العدم ، و الفرق بين هاتين الكلمتين ان الكلمة الأولى معناها نفي حدوث الزمان عنه تعالى و معنى الكلمة الثانية نفي الامكان عنه و انه واجب الوجود ما سبقه العدم ( مع كل شيء لا بمقارنة ) تعرف الأشياء بأضدادها إذا قلنا : فلان مع فلان فمعناه انه قرينه في المكان . و لكن اللّه تعالى مع كل شيء لا انه قرينه . كما مثلنا . و في الحديث : من كان مع اللّه كان اللّه معه .
إذ ليست المعية هنا هي المقارنة أي حضور جسم عند جسم ، أو حضور جسم في مكان ، كما هو المتبادر من معنى المعية ، بل معناه انه محيط بالأشياء ، عالم بها غير غائب عنها كما قال تعالى : و هو معكم أينما كنتم ، إنني معكما أسمع و أرى .
( و غير كل شيء لا بمزايلة ) أي ان ذاته مغايرة لجميع الأشياء مغايرة ذاتية ،
إذ لا نسبة بين الواجب و الممكن ، و الصانع و المصنوع . و الرب و المربوب ، فاذا قلنا :
هذا غير ذاك . فمعناه انه بعيد عنه فى الماهية و هي المزايلة ، لكن اللّه تعالى غير كل شيء لا بمزايلة أي لا انه بعيد عنه من حيث الزمان و المكان .
( فاعل لا بمعنى الحركات و الآلة ) الفاعل يحتاج الى الحركة إما حركة أعضائه كاليدين و الرجلين ، أو حركة فكره ، و كذلك يحتاج إلى الآلة ليستعملها فى فعله ، و الحركة من عوارض الجسم ، و الاحتياج من خواص المخلوق ، و اللّه منزه عن الجسمية و الاحتياج ، غني على الاطلاق ، فهو الخالق و الصانع و المحيي و المميت لا بالحركة و الآلة .