ما تقمون مني يا أهل البصرة ؟ و اشار إلى قميصه و ردائه و اللّه انهما لمن غزل اهلي ، ما تنقمون مني يا اهل البصرة ؟ و اشار إلى صرة في يده فيها نفقته و اللّه ما هي إلا من غلتي في المدينة ، و ان خرجت عنكم بأكثر مما ترون فانا عند اللّه من الخائنين .
ثم خرج ، و شيّعه الناس إلى خارج البصرة ، و تبعه الأحنف بن قيس إلى الكوفة و تبعه ايضا جمع من اشراف البصرة و غيرهم ، و لما خرج من البصرة ، و صار على علوة استقبل الكوفة بوجهه و هو راكب بغلة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فقال :
الحمد للّه الذي اخرجني من اخبث البلاد ، و اخشنها ترابا ، و اسرعها خرابا و اقربها من الماء و ابعدها من السماء ، بها مغيض الماء ، و بها تسعة اعشار الشر ، و هي مسكن الجن ، الخارج منها برحمة ، و الداخل اليها بذنب ، اما انها لا تذهب الدنيا حتى يجيء اليها كل فاجر ، و يخرج منها كل مؤمن ، و حتى يكون مسجدها كأنه جؤجؤ سفينة .
الخطبة الرابعة عشر
المتن
و من كلام له عليه السلام في مثل ذلك ) :
أرضكم قريبة من الماء ، بعيدة من السماء ، خفّت عقولكم و سفهت أحلامكم فأنتم غرض لنابل ، و أكلة لآكل و فريسة لصائل .
اللغة
النابل صاحب النبل ، و الصائل : الذي يصول و يحمل و يهجم على العدو .
هذه الجملات من ملحقات الخطبة المتقدمة في ذم البصرة و اهلها ، و قد أدينا شيئا من حق هذا الموضوع ، فلا داعي لاطالة الكلام اكثر من هذا مع العلم ان لنا في المستقبل مجالا واسعا إن شاء اللّه .
و قد انتهينا عن الخطبة الثالثة عشر و الرابعة عشر و الحمد للّه اولا و آخرا .