الغاصب كان يعلم اهلية علي للخلافة و استحقاقه للامامة ، و شرع يفكر فيما يصنع ؟ هل يحارب بلا ناصر مع تقاعد الناس عن نصرته ، أو يصبر على تلك الرزايا الجليلة ،
فرأى عليه السلام ان الصبر اليق و أقرب الى العقل و الصواب ، فصبر على طول المدة و هو يتحمل الوجع و الأذى كالذي في عينه القذى و في حلقه الشجى ، لأنه رأى حقه منهوبا بيد غيره و هم يتنعمون بالدنيا و ما فيها كما قال دعبل الخزاعي :
أرى فيئهم في غيرهم متقسما و أيديهم من فيئهم صفرات
و صار جليس بيته ، و انقطع الناس عنه ، و ما هناك من مفاسد عمت العباد و البلاد
الاستقالة و العقد
القسم الثاني
المتن
حتى مضى الأوّل لسبيله ، فأدلى بها إلى إبن الخطاب بعده ،
( ثم تمثل بقول الأعشى :
شتّان ما يومي على كورها كيوم حيّان اخي جابر
فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته ، إذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشد ما تشطرا ضرعيها ، فصيرها فى حوزة خشناء ، يغلظ كلمها ، و يخشن مسّها ،
و يكثر العثار فيها و الاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصّعبة إن أشنق لها خرم ،
و إن أسلس لها تقحّم ، فمني الناس لعمر اللّه بخبط و شماس ،
و تلوّن و اعتراض ، فصبرت على طول المدة ، و شدّة المحنة .
اللغة
ادلى بها : دفعها و ألقاها . و شتان بين هذا و ذاك أي بعد كثير و كور الناقة : رحلها . و الاقالة : قبول العذر و فك عقد المعاملة ، و الاستقالة :
طلبها . و شدّ الأمر : صعب و عظم . و تشطرا : أخذ كل واحد منهما شطرا ، أي