منها محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، و لا يرقى إلى الطير ، فسدلت دونها ثوبا ، و طويت عنها كشحا و طفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء ،
أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، و يشيب فيها الصغير ، و يكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت و في العين قذى ،
و في الحلق شجى أرى تراثي نهبا .
اللغة
سدل الستر : ارخاه ، و الكشح : اللحمة بين الخاصرة و الجنب .
طفقت : اخذت و جعلت . ارتأي : افكر في الامور طلبا للرأي الأصلي . جذاء :
مقطوعة . و الطخية : بالثلاث الظلمة و قيل : الغيم او السحاب ، يكدح : يسعى و يعمل و لا يعطي حقه ، هاتا هذه . احجى : أقرب الى العقل . و القذى ما تتأذى به العين من غبار و غيره و الشجى : ما يعترض في الحلق من عظم أو هم و غم ،
و التراث : الميراث . و النهب : المسلوب .
المعنى
اختلف المحدثون و المؤرخون في الموضع الذي خطب الامام عليه السلام به هذه الخطبة ، فقيل : انه عليه السلام خطبها على منبر مسجد الكوفة .
و قيل : خطبها في الرحبة ، و على أي تقدير فقيل انه ذكرت الخلافة عند امير المؤمنين عليه السلام فتنفس الصعداء و قال : ( اما و اللّه لقد تقمصها ابن ابي قحافة ) و في نسخة اخو تيم . اقسم باللّه تعالى ان ابن ابي قحافة تقمص الخلافة أي لبسها كالقميص ، و هو ابو بكر و كان اسمه : عبد الكعبة ، و قيل : عتيقا .
( و انه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ) أي و الحال ان ابا بكر يعلم بأني اولى و أحق و أحرى ، و يعلم ان محلي من الخلافة كمحل مسمار الرحى من الرحى ،
فكما ان الرحى لا تدور صحيحة بغير المسمار المنصوب في وسطها المسمى بالقطب ،
كذلك الخلافة لا تتم و لا تحسن و لا تنتظم بغير امير المؤمنين ، فقد تولى الخلافة